محاضرات تحليل الوثائق السياسية والمواثيق الدولية
السداسي الرابع للسنة الثانية
2022- 2023م
الأستاذ بشلاغم جيلالي
المحاضرة الأولى: الاطار المفاهيمي للوثيقة السياسية والدولية
أولا: التعريف بالمقياس:
مقياس تحليل الوثائق السياسية و المواثيق الدولية عبارة عن وحدة منهجية يقدم على شكل محاضرات خلال السداسي الرابع لطلبة السنة الثانية جذع مشترك علوم سياسية. تكمن اهمية هذا المقياس العلمية لأنه يوضح للطلبة المنهجية الواسعة لدراسة و تحليل مضامين مختلف الوثائق السياسية و الدولية باعتماد خطوات منهجية و تقنية تحليل المضمون .
مقياس تحليل الوثائق السياسية و المواثيق الدولية الغرض منه هو تحديد الظروف المحيطة بصدور الوثيقة و دراسة الأوضاع العامة اثناء صدورها و بعدها كذلك و الأهداف التي تسعى الوثيقة الى بلوغها و الاشكاليات التي تريد الاجابة عليها، كما ان فقرة انتقاد الوثيقة تساعد على تطوير البحث و الكشف عن النقائص مما يعتبر رسالة مهمة للسلطات والمؤسسات التي تصدر هذه الوثائق. لتدارك النقائص و التعلم منها حتى تكون النتائج مفيدة ومؤثرة على مستوى الدولة و المواطنين فيما يخص الوثيقة الصادرة عن الدولة. اما على المستوى الاقليمي و الدولي فإن تحليل الوثائق يساهم في خدمة الانسانية و الأمن والتعاون الدولي في جميع المجالات.
من أهداف تدريس المقياس الأكاديمية هو تمكين الطالب من التعرف و اعتماد المنهجية الخاصة بتحليل الوثائق واكذا اعتماد تقنية تحليل المضمون و جدواها في التحليل السياسي.
ثانيا: تعريف الوثيقة والمصطلحات المشابهة
الوثيقة لغةً تُعرّف الوثيقة في اللغة بأنّها ورقة مكتوبة أو مطبوعة، وتحمل الشكل الأصلي، أو الرسمي، أو القانوني لشيءٍ ما، ويمكن استخدامها من أجل تقديم معلوماتٍ وأدلةٍ مهمة،[١] والوثيقة مؤنث كلمة وثيق، وجمعها وثائق، وهي ما يحكم به المرء، ويقال أرض وثيقة أي كثيرة العشب، كما يراد من الوثيقة الصَّك بالدَّيْن أو البراءة منه، والوثيقة هي المستند أيضاً.[٢]
1 معاهدة : Treaty
المعاهدة اتفاق استراتيجي سياسي أو عسكري دولي يعقد بالتراضي بين دولتين أو أكثر ، في القانون الدولي اتفاق أطرافه دولتان أو أكثر أو غيرها من أشخاص القانون الدولي ، وموضوعه تنظيم علاقة من العلاقات التي يحكمها هذا القانون ، ويتضمن حقوقا والتزامات تقع على عاتق أطرافه. وتسمى المعاهدة ثنائية إذا كانت بين دولتين ، ومتعددة الأطراف أو جماعية إذا كانت بين عدد من الدول أو بناء على دعوة منظمة دولية ، ويمكن هدفها تنظيم موضوعات تتصل بمصالح المجتمع الدولي كله. والمعاهدة تحدث نتائج قانونية وتعالج قضايا معينة كتسوية قضية سياسية أو إنشاء حلف ، أو تحديد حقوق والتزامات كل منها ، أو تبني قواعد عامة تتعهد بمراعاتها أو تحديد حدود ومعاهدات الهدنة والصلح والسلام. ولا تعد ، بمثابة معاهدة، الاتفاقيات التي تعقد بين الدولة والأفراد أو الشركات ، وتطلق كلمة "معاهدة" على الاتفاقيات ذات الأهمية السياسية ، كمعاهدات الصلح ومعاهدات التحالف مثل معاهدة الدفاع العربي المشترك ومعاهدة حلف "الناتو" الحلف الأطلسي. ويتم عقد المعاهدات بطرق رسمية وقانونية تبتدئ بالمفاوضات ، ويليها التوقيع من قبل المندوبين المفوضين ، وابرامها من قبل رئيس الدولة أو السلطة المخولة بذلك وفق دستور وقوانين كل دولة. ثم تبادل وثائق الإبرام الذي يضفى عليها الصفة التنفيذية بعد إقرارها من طرف السلطة التشريعية (أو السلطة المخولة بذلك). ولا يحق للدول الحيادية عقد معاهدات تحالف أو ضمان جماعي ، كما أن معاهدة لوزان حرمت دولة الفاتيكان عقد معاهدات سياسية.
2 اتفاقية : Convention
يستعمل هذا المصطلح للاتفاقيات التي تتناول نواحي فنية تنتج عن مؤثر فني مهنى وهو عرف وتقليد دولي ، والاتفاقية عبارة عن اتفاق دولي أقل أهمية من المعاهدة ، على الرغم من أن بعض الوثائق الدولية لم تميز بينهما ، وهي تتناول بشكل خاص القضايا الفنية ، كالشؤون الاجتماعية والاقتصادية والتجارية أو البريدية أو القنصلية أو العسكرية ، الخ .. أو تسوية نزاع بين طرفين، مع بيان الحقوق والامتيازات لكل منهما، أو تتضمن مبادئ وقواعد دولية عامة، تتعهد الدول الموقعة باحترامها ورعايتها (كاتفاقيات لاهاي وغيرها)( واتفاقيات جنيف متعددة
الأغراض).
3 الاتفاق : Agreement
إن كلمة اتفاق Agreement واتفاق Accord يعني في العلاقات الدولية تفاهم أو تعاقد دولي لتنظيم العلاقات بين الأطراف المعنية في مسألة ما أو مسائل محددة يرتب على تلك الأطراف التزامات وحقوقا في ميادين السياسة والاقتصاد والثقافة والشؤون الفكرية. وقد يتخذ الاتفاق طابعا سريا أو شفهيا أو صفة عابرة فيكون اتفاقا مؤقتا أو طويل الأجل أو ثنائيا أو متعددا أو يكون محددا كأن يكون اتفاقا تجاريا أو بحريا أو ثقافيا .. الخ. والاتفاق أقل شأنا من المعاهدة. ويجري التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضات ويتم التوقيع ويخضع للإبرام والنشر.
والاتفاق مصطلح قانوني لاتفاق بين دولتين أو أكثر على موضوع معين له صفة قانونية ملزمة، ويأتي ترتيبه في الأهمية في الدرجة الثالثة بعد المعاهدة والاتفاقية.
4 البروتوكول : Protocol
تستعمل كلمة بروتوكول للدلالة على مجموعة من القرارات والوسائل والمذكرات الحكومية كما تدل أيضا على القرارات الصادرة عن مؤتمر أو جمعية ما. أما في القانون الدولي فهي تدل على مجموع الإجراءات والاستعدادات المتخذة على أثر التوقيع على معاهدة ما تمهيدا للتصديق عليها دون استبعاد بعض التعديلات المتعلقة عادة بالخطوات الإجرائية. وقد يتم البروتوكول بمعنى تعديل لاتفاقية قائمة ومعقودة بين دولتين أو أكثر وتأتي في الدرجة الرابعة بعد المعاهدة والاتفاقية والاتفاق.
5 الميثاق : Charter
اتفاق دولي لإنشاء منظمة دولية مثل ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي.
6 مذكرة التفاهم : Memorandum of under standing
اتفاق مبدئي للعلاقات بين الدول في موضوع معين حتى يتبلور ، وتشمل عدة موضوعات وهي إطار للعلاقات في جوانب محددة، ثم يصاغ فيما بعد ليصبح اتفاقية أو معاهدة للعلاقات الدولية في تلك المجالات.
7 وثيقة تعهد : Lettre of documentation
هي الوثيقة الدبلوماسية التي تتعهد بموجبها إحدى الدول بأحد أمرين : إما أن لا تخرق الاتفاقات المعقودة سابقا بينها وبين دولة أخرى. أو بأن الامتياز الخاص الذي منحتها إياه دولة أخرى لا يؤثر على حقوق وامتيازات كل منهما.
8 مستوى التمثيل الدبلوماسي : Level of representation للتمثيل الدبلوماسي ثلاث مستويات :
1 السفارات التي يرأسها سفير.
2 المفوضيات التي يرأسها وزير مفوض.
3 السفارات أو المفوضيات التي يرأسها قائم بالأعمال (أصيل أو وكيل)، وقد نصت المادة (15) من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية على ما يلي: تتفق الدول على تحديد الفئة التي ينتمي إليها رؤساء البعثات.
9 التحفظ : Resentment
هو القيد الخطي الذي تسجله إحدى الدول لدى توقيعها معاهدة ، أو عند إبرامها أو الانضمام إليها ، وهو ينطوي في الغالب على رغبتها في عدم الخضوع إلى بعض أحكامها أو التحلل من بعض الالتزامات الناشئة عنها، أو تحديد تفسيرها لبعض النصوص الواردة فيها. والتحفظ كثير الاستعمال في المعاهدات الجماعية أو المتعددة الأطراف ، وقد أجازته محكمة العدل الدولية في الرأي الاستشاري الذي أصدرته بتاريخ 28 ماي1948م الخاص بمكافحة جريمة إبادة العنصر، وانما اشترطت ألا يتعارض مع أهداف المعاهدة الأساسية ، وألا تتضمن هذه الوثيقة ما يحظر استعماله. ويجوز إبداء التحفظ في وثائق أخرى كالمذكرات الدبلوماسية أو اتفاقيات الاحتكام أو وثائق الاعتراف ، .. الخ. ولا يجوز استعماله في المعاهدات الثنائية، لأن تعديل أي نص يقتضي استئناف المفاوضات بغية تعديل النصوص التي يراد التحفظ بشأنها.
مراحل عقد المعاهدة أو الاتفاقية :
يمر عقد المعاهدة أو الاتفاقية بعدة مراحل هي :
1 مرحلة المفاوضات ويشترك فيها ممثلون عن الدول المتعاقدة مفوضون بذلك من جميع
التخصصات ومن جميع الجهات المعنية.
2- مرحلة التوقيع على المعاهدة أو الاتفاقية بالنيابة عن الحكومات.
3 - مرحلة التصديق على المعاهدة الاتفاقية من جانب رئيس الدولة.، بعد أخذ موافقة السلطة التشريعية (أو السلطة التنفيذية) بحسب أحكام الدساتير والأنظمة الوطنية المختلفة. وعندما يتم التصديق تصبح المعاهدة نافذة المفعول ، غير أن ضروريات العلاقات الدولية قد تقتضي أحيانا تنشيط إجراءات عقد المعاهدات أو الاستغناء عن شروط التصديق.
المحاضرة الثانية: أنواع الوثائق
الوثائق الرسمية: هي الوثائق الصادرة عن الأجهزة الحكومية الرسمية الكاملة المصداقية لأنها تمثل النظرة الرسمية للدولة نظرا لاتسامها بالتنظيم و فعالية التنفيذ.
الوثائق الغير رسمية: هي الوثائق الصادرة عن الأفراد تسمى بالغير رسمية لأنها تحصل على الاعتماد من طرف الجهات الرسمية بالتصديق عليها مثل أوراق البيع والشراء المتداولة بين الأفراد أو المواطنين.
وتصنف الوثائق حسب مجالات اختصاصها إلى وثائق تاريخية، سياسية، قانونية، اقتصادية، دينية، ....إلخ.
الوثائق التاريخية: إن العلاقة بين علمي التاريخ والوثائق علاقة عضوية تربط بين المؤرخ وعالم الوثائق برباط الهدف الذي يسعى إليه كل منهما وهو الوصول إلى الحقيقة، ولقد أصبح المنهج الوثائقي أحد الروافد الأساسية في مجرى الحقائق التاريخية فبدون الوثائق وأشكالها المختلفة والمخطوطات لا يمكن كتابة التاريخ، وأي تاريخ يكتب في غياب الوثائق والمخطوطات تاريخ ينقصه الكثير من الحقائق فالوثائق تمهٌد السبيل أمام المؤرخ لكتابة بحوث مبتكرة، ومما يزيد من قيمة الوثائق أن تكون مت ا ربطة وفيها استمرارية بسبب نموها الطبيعي المتسلسل زمنياً مما يسهل على المؤرخ مهمة البحث العلمي ويمكنه من الوصول إلى أحكام صحيحة لاعتماده على مجموعة كبيرة من الوثائق المتكاملة وليس على نوعيات قليلة متباعدة في التسلسل الزمني وتعد الوثائق من المصادر الأصلية لدراسة التاريخ والحضارة لكونها منبعا أصليا يجد فيه الباحث والمؤرخ الكثير من الحقائق الأصلية التي على معلومات تاريخية، تتناول مسائل السياسة والاقتصاد والتجارة وعادات الشعوب وتقاليدها فهي الذاكرة الحية للأوطان تعين على فهم الماضي وكشف الحقائق.
الوثائق السياسية: عبارة عن مستند تقدمه السلطة السيادية للدولة إلى فردٍ أو مؤسسةٍ أو مدينة، حيث تمنح حقوقاً، أو صلاحيات، أو امتيازات، أو وظائف معينة، ويُعدّ الميثاق العظيم "الماجنا كارتا" من أكثر الوثائق شهرةً، وهو اتفاق بين الملك الإنجليزي جون وباروناته، يحدد فيه بعض الحريات التي منحها الملك للشعب الإنجليزي، وفي القرون الوسطى أصدر الملوك الأوروبيون عدّة مواثيق للمدن، والبلديات، والنقابات، والرابطات التجارية، والجامعات، والمؤسسات الدينية؛ وتكفل هذه المواثيق بعض الامتيازات والحصانات لتلك المنظمات، ولكنّها تحدد مهام وترتيبات شؤونها الداخلية.
يمكن أن تكون الوثائق السياسية وطنية أو حكومية: نذكر أهمها الدستور أو خطاب سياسي، و يمكن أن تكون بين الدول وتسمى وثائق أو مواثيق دولية، تتمثل في اتفاقيات و معاهدات إعلانات، بروتوكولات...إلخ.
وتعرف والوثائق السياسية على أنها: تلك الوثائق التي تسجل بها أحداث الدولة وأعمالها الرسمية، وغير الرسمية، ولاشك أنها اكتسبت قيمتها التاريخية والسياسية فيما دون فيها من حقائق ثابتة ينتفع بها في دعم حق من الحقوق أو البرهنة على رأي والاستدلال على حالة من الحالات، والتي تتيح الفرصة أمام المؤرخين والسياسيين في إثبات الحقوق السياسية أو التاريخية لأصحابها، وتساعد الباحثين على فهم الأحداث والوقائع والعلاقات.
الوثائق القانونية:
الوثيقة الإدارية : الوثيقة الإدارية هي مجموعة الوثائق التي تحررها الإدارة بواسطة موظفيها وتستعملها كوسيلة اتصال بغيرها من المصالح الإدارية الأخرى وذلك للقيام بعملياتها الإدارية المختلفة بغية الوصول إلى الهدف المسطر لها ، وتعرف كذلك بأنها وثيقة رسمية محررة باسم الموقع إن كانت شخصا أو باسم المرفق العام إن كانت إدارية.
كما يمكن تعريف الوثيقة الإدارية على أنها مجموعة أوراق أو سجلات نظامية ورسمية صادرة عن جهات إدارية مخولة قانونا أو تنظيما ، فهي إذن عبارة عن :
" ورقة أو أوراق أو سجلات صدرت بشكل قانوني ونظامي ، وتتضمن معطيات ومعلومات معينة ، كما أن هذه الوثيقة صادرة عن جهات إدارية قد تكون مركزية أو محلية أو مرفق عام ـ وهي تعد أداة للتعبير عن موقف الإدارة أو لتأكيد واقعة ما .
أهمية الوثائق:
نظرا الى أهمية الوثائق فيمكن القول أن الوثائق تؤدي دورا متميز لربط الماضي بالمستقبل وهي أثمن نفائس التراث لدى أي أمة من الأمم وذاك إرثها الحي الباقي، كما أن الوثائق هي الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها تاريخ الأمم، بالبحوث التي تتم حول موضوعات الإدارة والسياسة والاقتصاد، وكذلك تعتبر المستندات والوثائق اللازمة لتحديد الحقوق والواجبات في العلاقات الدولية، والوثائق التي تسجل عادات العصر وتقاليده، ومما يمكن قوله هنا انه لا تاريخ للأمة بلا وثائق والوثائق المنظمة هي ذاكرة الأمة الحية كما أنها تمثل وديعة الأجيال الحاضرة إلى الأجيال القادمة وأن الحفاظ عليها وتنظيمها هو حفاظ على تاريخها ومجدها واستثمارها لخدمة المجتمع، ونظرَ لهذه الأهمية التي تتمتع بها الوثائق باعتبارها مصدر هام من مصادر المعلومات فقد تزايد الاهتمام بتجميعها وحفظها وتنظيمها فاتجهت دول العالم المختلفة على إنشاء مراكز وطنية وغيرها من المؤسسات مهمتها تجميع وتخزين وحفظ هذه الوثائق، والعمل على تنظيمها وتسهيل الحصول عليها وتداولها بين المستفردين .
المحاضرة الثالثة: منهجية تحليل الوثائق السياسية والدولية
بما أن الوثيقة الرسمية تحتوي على مجموعة من الأفكار الهامة التي تطرحها مؤسسة رسمية فان دراستها و تحليلها يتطلب نظام أو منهجية خاصة في مراحل واضحة نلخصها كالتالي:
أولا: مرحلة فهم الوثيقة:
في هته المرحلة على الباحث جمع المعلومات الكافية عن الوثيقة ويمكن تلخيصها كالتالي:
أ- الدراسة الوصفية:
تعتمد على استخلاص أو استخراج ما يلي:
طبيعة النص: هل هو نص سياسي أو أمني أو قانوني أو اقتصادي أو غيره من الأشكال الأخرى التي تبين نوع النص؟.وهل هو نص يحتوي على موضوع عام أو متخصص؟ وهل هو ديباجة أو دستور أو اتفاقية دولية؟ منظمات إقليمية أو حكومة الدولة.
تاريخ صدور الوثيقة: يجب التعرف إن كان النص جديدا أو حديثا أو معدلا لموقف معين مما يجب أن يشير له المحلل في دراسته للوثيقة، كما يجب تحديد المصدر الذي أخذ منه النص الأصلي للوثيقة.
تحديد عنوان الوثيقة.
ب- الدراسة الشكلية: يعمل الباحث على تقسيم النص وتسطير المصطلحات و العبارات المهمة او التي لديها معنى أو ثقل في الوثيقة. ومنه يمكن إبراز أو استخراج التالي في هته المرحلة:
البنية الطباعية للوثيقة: أي تحديد عدد الفقرات أو المقاطع التي تتكون منها الوثيقة.
البنية الاصطلاحية: بمعنى تحديد المعاني أو المصطلحات الهامة او المركزية في الوثيقة و تحديد نوعيتها إن كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية او اجتماعبة أو ثقافية... وكذا تحديد عدد اللغات الصادرة بها الوثيقة.
واستخراج الكلمات المفاتيح مما تسهل على المحلل تحديد مضمون النص بشكل محكم.
البنية الخارجية للوثيقة: أي دراسة الظروف التي تم فيها كتابة الوثيقة ودراسة الظروف التي سبقت الوثيقة وكانت سببا في إيجادها و دراسة الظروف أثناء كتابة الوثيقة و حتى بعد إصدارها.
ثانيا: مرحلة التحليل:
يقسم الباحث الوثيقة الى أجزاء مهمة:
. المقدمة: تحدد فيها يلي:
- تحديد الإطار العام: تحديد نوع الوثيقة إن كانت إعلان او اتفاقية أو دستور أو معاهدة بمعنى تحديد إطاره الشكلي أو تسمية الوثيقة بالشكل الواضح. تقسيم الوثيقة بتحديد عدد النصوص و المواد أو اللغة للنص.
- تحديد الاطار الزمني و المكاني للوثيقة: تحديد مكان اصدار الوثيقة، تحديد تاريخ اصدار الوثيقة، الاشارة إلى المكان الذي انعقد فيه المؤتمر أو وقعت فيه الوثيقة، تحديد الجهة أو الدولة المنظمة التي أصدرت الاتفاقية أو الوثيقة.
- المجال الجغرافي: تحديد إن كانت الوثيقة عالمية أو إقليمية أو صادرة من الحكومة للدولة الواحدة.
- تحديد الظروف المحيطة بإصدار الوثيقة: حيث يتم في هذا العنصر من الدراسة تحديد إن كانت الوثيقة صادرة من دولة واحدة او لها طابع إقليمي أو عالمي، بالإضافة إلى تحديد إن كانت ثنائية أو جماعية.
التركيز على أسباب إصدار الوثيقة و الظروف التي تم فيها إصدار هاته الوثيقة، الإشارة إلى نوع النص إن كان خاص أو عام، والتطرق الى الوثائق المشابهة للوثيقة المعروضة .
طرح الاشكالية والاعلان عن الخطة.
- العرض: في هذا الجزء من الدراسة يتم دراسة الأحكام الأساسية و الأفكار الخاصة بالوثيقة حيث يتم التركيز على:
- تحديد الموضوع الذي تركز عليه الوثيقة .
- تحليل المواد أو البنود التي تتكون منها الوثيقة.
- استنتاج الأفكار و الأحكام من الوثيقة.
- تقييم الوثيقة:
تحليل مدى ملائمة الأفكار التي تحتويها الوثيقة مع الظروف المحيطة سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو أمنية أو اقتصادية أو سياسية ... و مدى تأثيرها على المستوى الداخلي للدولة أو على المستوى الإقليمي و الدولي.
مقارنة أو قياس الوثيقة محل الدراسة مع الوثائق الأخرى المشابهة مع تحديد النقائص التي جاءت في الوثيقة .
الخاتمة:
تحتوي على الاستنتاجات التي يتوصل لها المحلل من خلال تحليله للوثيقة من خلال المراحل السابقة للدراسة والعمل على طرح مقترحات و صيغ بديلة تزيد من قوة و فائدة الوثيقة.
المحاضرة الرابعة: تحليل بيان أول نوفمبر 1954
أولا: مرحلة التقديم (وصف الوثيقة)
طيعة الوثيقة: سياسية وتاريخية (وثيقة تاريخية على شكل بيان سياسي)
صاحب الوثيقة:جبهة التحرير الوطني (الأمانة العامة)
هنا لابد من التعريف بلجنة الزعماء الستة المنبثقة عن مجموعة 22)، وعن محرري البيان باللغتين الفرنسية والعربية.
الإطار الزمني والمكاني: في 23 أكتوبر 1954، بمنزل سري بحي الرايس حميدو، بالجزائر العاصمة، وتم رقنه وسحبه بقرية إغيل إمولا بجبال جرجرة،
تم بثه لأول مرة على أمواج إذاعة العرب بالقاهرة بداية من الساعة 11 ليلا من يوم 1 نوفمبر 1954، وتم إعادة بثه سبع مرات في اليوم الموالي.
أما في الداخل فقد علق البيان على جدران الأحياء والمدن الجزائرية، وبالذات أمام محلات المعمرين.
موضوع الوثيقة: تتضمن الوثيقة أسباب وأهداف ووسائل الكفاح وشروط التفاوض مع فرنسا.
الإشكالية: ما الهدف من إصدار جبهة التحرير الوطني لهذا البيان؟ وما محتواه ودلالاته.؟
ثانيا: المناقشة والتحليل
أ) شرح المصطلحات:
- الحركة الوطنية: هي شكل من اشكال المقاومة للاحتلال، عبارة عن جمعيات وتنظيمات سياسية أخذت على عاتقها مقاومة الاحتلال الفرنسي سياسيا ونقابيا وثقافيا وتربويا.
- الأمبريالية (Impérialisme): سياسة الهيمنة المرتبطة بالدول الاستعمارية.
- الانفراج الدولي: تهدئة العلاقات السياسية والعسكرية المتوترة بين المعسكر الغربي والمعسكر الشيوعي، بعقد معاهدات ومواثيق عدم الاعتداء بين الدول، وإنشاء هيئة الأمم المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
- التطهير السياسي: وضع حد للصراع الحاصل في الحركة الوطنية من خلال التنازل عن الانتماءات السياسية الضيقة والتوحد داخل جبهة التحرير الوطني من أجل هدف واحد ووحيد هو الكفاح من أجل الاستقلال الوطني، مع تحييد كل المشبوهين والقضاء على العملاء.
ب) الأفكار ا أساسية:
- الظروف والعوامل التي دعت إلى الكفاح المسلح
- أهداف الكفاح المسلح
- وسائل الكفاح
- شروط التفاوض مع فرنسا
- دعوة الشعب الجزائري بالانضمام إلى الثورة
ج) التحليل
أصدرت جبهة التحرير الوطني بيان أول نوفمبر بهدف توضيح أسباب اللجوء إلى الثورة والعمل المسلح (والذي أشار له البيان بعبارة العمل المحض) وضرورة تجاوز الخلافات الداخلية. كما حددت الاستقلال الوطني كهدف أساسي لهذا العمل، مستعينين بشتى وسائل الكفاح المتاحة والممكنة لتحقيق ذلك، دون استثناء العمل الدبلوماسي والتسوية السلمية. كما حدد البيان أهدافا أخرى تتمثل في توحيد الشعب الجزائري وجعل القضية الوطنية حقيقة يعترف بها العالم. كما عبر عن كيفية التعامل مع السلطات الاستعمارية خلال فترات الحرب والسلم، بالإضافة إلى علاقة الجزائر المستقلة بالعالم الخارجي. وفي الأخير دعا هذا البيان كل الجزائريين بمختلف انتماءاتهم إلى الالتفاف حول الثورة مصداقا لقول الشهيد العربي بن مهيدي: "ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب".
ثالثا: نقد وتقييم الوثيقة
يعد بيان أول نوفمبر 1954، الوثيقة الأولى لجبهة التحرير الوطني، والتي أعلنت عن اندلاع الثورة التحريرية ضد المحتل الفرنسي. البيان له أهمية تاريخية وسياسية باعتباره أول من عرف بالثورة التحريرية في الجزائر من حيث المحتوى (لا سيما الأسباب والأهداف والوسائل). كما كان لها دور بارز في حل الصراع الداخلي بين مختلف تيارات الحركة الوطنية، بدعوة الشعب الجزائري بمختلف توجهاته وانتماءاته إلى التركيز على الهدف ا أساسي وهو الاستقلال الوطني، وترك الخلافات السياسية جانبا. كما تعتبر الوثيقة مرجعية سياسية وقيمية للثورة في حينها وللجزائر المستقلة مستقبلا، إذ يعتبر البيان دستور الثورة وروحها عمل على توجيه وتوحيد عمل الشعب الجزائري على مبدأ الاستقلال والحرية وبناء الدولة الجزائرية العصرية الديمقراطية الاجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية.
الخاتمة
المحاضرة الخامسة: تحليل المواد المتعلقة بالمجتمع المدني في الدستور الجزائري
أولا: نصوص المواد
من الباب الأول : المبادئ العامة التي تــحكم المجتمع الجزائري
الفصل الثاني: الشـعــــــب
المادة 10: تــسهـــر الـدولة عـــــلى تفعيل دور المجـتمع المـــدني للـمـشــاركة في تسيير الشؤون العمومية.
المادة 16: تقــــوم الدولة عـلى مبــــادئ التمثيـــل الديمقراطـــي، والفصـــل بـــين السلطــات، وضمــــان الحقــــوق والحريات والعدالة الاجتماعية.
المجلس المنتخَب هو الإطار الّذي يعبّر فيه الشّعب عن إرادته، ويراقب عمل السّلطات العموميّة.
تشجع الدولة الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات المحلية، لاسيما من خلال المجتمع المدني.
من الباب الثاني : الحقوق الأساسية والحريات العامة والواجبات
الفصل الأول: الحقوق الأساسية والحريات العامة
المادة 53: حقّ إنشاء الجمعيّات مضمون، ويمارس بمجرد التصريح به.
تشجع الدولة الجمعيات ذات المنفعة العامة.
يحدّد قانون عضوي شروط وكيفيات إنشاء الجمعيّات.
لا تحل الجمعيات إلاّ بمقتضى قرار قضائي.
من الباب الخامس الهيئات الاسـتـشـاريـة
المادة 213: المرصد الوطني للمجتمع المدني هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية.
يقدم المرصد آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات المجتمع المدني.
يساهم المرصد في ترقية القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة ويشارك مع المؤسسات الأخرى في تحقيق أهداف التنمية الوطنية.
يحدد رئيس الجمهورية تشكيلة المرصد ومهامه الأخرى.
ثانيا: تحليل المواد
تعتبر ديباجة التعديل الدستوري المقرر الاستفتاء بشأنه يوم الفاتح من شهر نوفمبر من سنة 2020 جزء لا يتجزأ من الدستور، وعليه، فلابد من التقيد والوقوف عند الأحكام والمفاهيم الواردة بالديباجة، وهي عبارة عن فلسفة قانونية وتاريخية وسياسية لبناء الدولة الجزائرية.
وبقراءة قانونية لديباجة مشروع الدستور، نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري قد أشارة بصفة ضمنية إلى تاريخ مؤسسات المجتمع المدني أثناء فترة الاستعمار الفرنسي، حيث جاء في الفقرة الخامسة من الديباجة تجند الشعب الجزائري وتوحده في ظل الحركة الوطنية، والتي يمكن اعتبارها إحدى المؤسسات السياسية المكونة للمجتمع المدني في تلك الفترة، كما أقر المؤسس الدستوري الجزائري في الفقرة السادسة والسابعة من الديباجة بمبدأ الديمقراطية التشاركية من خلال اعترافه بمجهود الشعب الجزائري وتضحياته من أجل بناء دولة عصرية كاملة السيادة، غير المؤسس الدستوري الجزائري نص بصراحة ولأول مرة بالفقرة 11 من الديباجة على تفعيل المجتمع المدني وتعزيز دوره في المشاركة في تسيير الشؤون العمومية من خلال المؤسسات المكونة له، مع إبراز المهام الموكلة له في إطار بناء مؤسسات الدولة وتنمية المجتمع، حيث أقر بقدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحرية لكل فرد، كما أقر بنفس الفقرة وفي نفس السياق بمتطلبات أداء المجتمع المدني لهذا الدور، وهي دولة القانون.
أما بالرجوع لأحكام الدستور، فإننا نلمس رغبة المؤسس الدستوري الجزائري في إعطاء أهمية أكبر للمجتمع المدني وتأطير دوره في تنمية المجتمع، وهو ما سيعطي دفع قوي لجعل الجزائر من الدول الديمقراطية التي تكرس مبدأ الديمقراطية التشاركية ودور المواطن في المساهمة في تنميتها.
مقارنة بالدساتير السابقة، أقر المؤسس الدستوري صراحة بدور المجتمع المدني في نص المادة العاشرة من الدستور الساري المفعول، حيث نصت على أنه: ”تسهر الدولة على تفعيل دور المجتمع المدني للمشاركة في تسيير الشؤون العمومية”.
الملاحظ من خلال هذا النص أن المؤسس الدستوري قد أقر بتفعيل دور المجتمع المدني للمشاركة في تسيير الشؤون العمومية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود المجتمع المدني من جهة، وضرورة تفعيل دوره من جهة ثانية، كما يوحي النص بالتزام الدولة بتسهيل عمل المجتمع المدني ومرافقته لأداء دوره، كما نستشف من النص ذاته حاجة الدولة للمجتمع المدني في مجال تسيير الشأن العام، وذلك بالنظر لما ينتج عنه من تفعيل مبدأ الديمقراطية التشاركية ومبدأ المواطنة، وهو ما يحقق دولة القانون.
التعديل الدستوري الأخير لم يكتفي بالنص صراحة على تفعيل دور المجتمع المدني، بل أقر في الفقرة الأخيرة من نص المادة 17 من المشروع على تشجيع الدولة بتطبيق مبدأ الديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي عبر المؤسسات والتنظيمات المكونة للمجتمع المدني، حيث نصت الفقرة على: “…تشجع الدولة الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات المحلية، لاسيما من خلال المجتمع المدني“.
أما فيما تعلق بمؤسسات المجتمع المدني، على مختلف أنواعها، يمكن القول بإيجاز أن التعديل الدستوري قد وسّع بشكل لافت للانتباه من الحقوق والحريات المرتبطة بإبداء الرأي، الإعلام، الاجتماع، الحق النقابي، الحق في الإضراب، وإنشاء الجمعيات المدنية والأحزاب السياسية، وقلص من القيود الواردة في الدساتير السابقة، فمن بين أهم ما جاء في هذا الإطار أنه لا يجوز للدولة حل الجمعيات إلاّ بمقتضى قرار قضائي، وهو ما يعزز حرية إنشاء الجمعيات المدنية وتفعيل دورها ومنحها استقلالية أكبر لتصبح كيان موازي خدمة للشأن العام.
حيث نصت المادة 53 على “حق إنشاء الجمعيات مضمون، ويمارس بمجرد التصريح به. تشجع الدولة الجمعيات ذات المنفعة العامة. يحدد قانون عضوي شروط وكيفيات إنشاء الجمعيّات. لا تحل الجمعيات إلاّ بمقتضى قرار فضائي“، كما نصت المادة 57 من دستور 2020 على “حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون”، كما نصت الفقرة التاسعة من المادة 57 من دستور 2020 على أنه “…لا تحل الأحزاب السياسية إلاّ بمقتضى قرار قضائي…”
إن التعديل الدستوري وبخلاف ما سبقه من دساتير أعطى اهتماما أكبر لكيان المجتمع المدني من خلال التأسيس لأول مرة هيئة استشارية توضع لدى رئيس الجمهورية ممثلة في المرصد الوطني للمجتمع المدني، وهذا طبقا لنص المادة 213 من التعديل الدستوري، وهو ما يعزز المكانة الدستورية المجتمع المدني ورغبة الدولة في تفعيل دوره والمساهمة في تعزيز المؤسسات المكونة له.
حيث نصت المادة 213 من دستور 2020 على أن “المرصد الوطني للمجتمع المدني هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية. يقدم المرصد آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات المجتمع المدني. يساهم المرصد في ترقية القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة ويشارك مع المؤسسات الأخرى في تحقيق أهداف التنمية الوطنية. يحدد رئيس الجمهورية تشكيلة المرصد ومهامه الأخرى.”
برأينا يعد المرصد الوطني للمجتمع المدني جهاز داعم لمبدأ الديمقراطية التشاركية والمجتمع المدني، وسيكون له دور إيجابي وفعّال في هذا المجال، غير أن الأمر سيبقى متوقف على ما سيتناوله التنظيم المحدد لتشكيلته ومهامه، وهو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من نص المادة 213 من مشروع تعديل الدستور.
إلا أن مفهومالديمقراطية التشاركية الذي نض عليه الدستور الحالي، يبقى غامضا مادامت النصوص التطبيقية وآليات تفعيلها غائبة.
المحاضرة السادسة: تحليل نموذج وثيقة دولية
نموذج وثيقة قرار مجلس الأمن رقم 2099 الخاصة بالقضية الصحراوية .
يمكن وصف الوثيقة أنها تصنف في صيغة قرار أممي يحمل الرقم 2099 حيث وردت في النسخة العربية , تحمل الوثيقة هوية رقمية محددة مرتبطة بالرقم التسلسلي المرجعي الخاص بإدارة مجلس الأمن و تحديدا الأمانة العامة له , ونلاحظ في الأعلى :
-رمز منظمة الأمم المتحدة الرسمي و التي يتبعها جهاز مجلس الأمن على يمين الجزء العلوي من الورقة بإعتباره مصدر الوثيقة مع تاريخ إصدارها : 25 أفريل 2013.
في المتن نلاحظ نص القرار الذي صدر باللغة العربية كونها لغة رسمية معتمدة من الهيئة الأممية على :
-مجموعة تدابير و احكام لكن بناء على مقدمة تضمنت :
-تذكير في شكل إحاطة تاريخية بمساعي الأمم المتحدة في إيجاد حل سلمي للقضية الصحراوية في إطار القانون الدولي , وذلك في فقرات متسلسلة و متساوية الحجم بشكل يبدو متكرر مستهله "و إذ" والذي يلخص الموضوع قبل الإنتقال لمرحلة بناء أو هندسة متطلبات القرار بصيغ :
-الحث .
-الدعوة .
-الترحيب .
وهي صيغ دبلوماسية تميز تحرير الوثائق الدولية قبل ختام الوثيقة بقرار إبقاء المسألة قيد نظره بطابع التوصية غير الملزمة .
النص العام للوثيقة الأممية يتميز شكلا بطابعه الرسمي الإداري الذي يحترم أدبيات الكتابة الدبلوماسية ومضمون يراعي المصطلحات الإجرائية المتفق عليها في الخطاب الدبلوماسي الدولي , فهو نص روتيني لا يختلف عن سابق نصوص الهيئة الأممية ووثائقها من حيث الإلتزام بالنسق الكتابي و الأخلاقي لها , ولهذا جاءت عملية التحرير وصفية تعبيرا عن قاموس قانوني و فكري موروث عن أدبيات البيروقراطية الدولية في الإحاطة بالأزمات الدولية المتراكمة عبر العالم دون طابع إلزامي نافذ أو حاسم , مع الإنتباه لمعطى الترجمة في تحليل بعض الكلمات و سياقها و بالتالي البناء عليها و تفسيرها حسب المصالح و النوايا وهو ما يجعلها وثيقة للحفظ في سجل مجلس الأمن كمرجع أخلاقي و توثيقي دولي .
المحاضرة السابعة: ماهية الخطاب السياسي
تمهيد:
يعد الخطاب السياسي أحد أهم أدوات الاتصال السياسي التي يستعملها السياسي لإيصال رسالته للجمهور المقصود بخطابه. كما يمثل أحد أهم القنوات التي يضمنها رؤيته السياسية لموضوع أو قضية ما. ولذلك فإن تحليل أي سياسة أو قرار سياسي أو موقف يستدعي فهم وتحليل مقولات الخطاب السياسي لصانع تلك السياسة أو متخد ذاك الموقف أو القرار.
ويعد الخطاب السياسي من أكثر الخطابات الحديثة انتشارا وتداولا، وأقواها نفوذا، وأشدها تأثيرا في توجيه الرأي العام ومواقف المجتمع السياسي. وقد عرف مصطلح الخطاب السياسي في تحديد مفهومه العديد من الاختلافات البائنة بين الباحثين والدارسين، بين قائل إنه خطاب متميز له خصائصه ومميزاته الأسلوبية التي تجعل منه فضاءا واسعا للحجاج وممارسة الفعل السياسي، وبين من يرى أنه خطاب كباقي الخطابات الأخرى، لا يتميز عنها في شيء، إلى درجه اعتبار كل خطاب هو بالضرورة سياسي.
أما تحليل الخطاب السياسي هو عبارة عن مجال معرفي فرعي يستهدف فهم عمل الخطاب السياسي كأداة للاتصال السياسي، سواء تم ذلك من خلال الخطب، أو الكتابات، أو الصور والرموز، أو الإشارات. كما يهتم بفهم الطريقة التي يتولى من خلالها الخطاب السياسي تأدية وظائفه المرتبطة في الغالب بالوصول إلى السلطة، أو الاحتفاظ بها، أو إضفاء الشرعية عليها. وعلى هذا الأساس يعتبر تحليل الخطاب السياسي حقلا معرفيا بينيا واسعا بفعل كون الخطاب السياسي ظاهرة انسانية متعددة الأبعاد، يستلزم فهمه، تحليل بنائه اللغوي، والسميوطيقي، وآدائه وتوزيعه وتأثيره.
أولا: مفهوم الخطاب السياسي
لا يخرج مفهوم الخطاب في المعاجم العربية عن كونه دلالة عن الكلام، فهو يأتي للدلالة على الكلام بين شخصين إثنين. فقد جاء في لسان العرب لابن منظور، أن الخطاب والمخاطبة تعني مراجعة الكلام، فنقول خاطبه بالكلام مخاطبة وخطابا. وأن الخطبة مصدر الخطيب. أي أن مفردة الخطبة إسم الكلام الذي يتكلم به الخطيب.
أما في الثقافة الغربية، فقد شاب مصطلح الخطاب الكثير من اللبس والغموض وصعوبة التحديد والتصنيف. ويرجع ذلك إلى اختلافات الترجمة من لغة إلى أخرى، وإلى كثرة الاتجاهات والنظريات التي حاولت سحب مصطلح الخطاب إلى دائرة اهتمامها مما أعطاه مفهوما يعكس بالدرجة الأولى آليات هذه النظرية أو تلك.
فمصطلح الخطاب (Discours) مأخوذ من الكلمة اللاتينية (Discourssus) وفعلها (discurure) ومعناها الركض هنا وهناك. كما أن كلمة الخطاب تعبر عن الجدل (Dialectlane) والعقل أو النظام(Logos) وهو ما نجده عند أفلاطون والأفلاطونية عموما. فالمصطلح في اللاتينية ليس أصلا مباشرا لما أصطلح عليه بالخطاب، إلا أن الجذر اللغوي اللاتيني أصبح يحمل معنى الخطاب، أو ما اشتق منه من معاني منذ القرن 17م. فقد دل مصطلح الخطاب على معنى طريق صدفي، ثم المحادثة والتواصل، ودل على تشكيل صيغة معنوية سواء كانت شفهية أم مكتوبة.
تأتي كلمة خطاب في اللغة الإنجليزية بمعنى اللغة المستخدمة، ويذهب بعض اللغويين إلى أن الكلام الذي يقال في حلقة دراسية يمثل كله خطابا، في حين يرى آخرون أن بيانا واحدا في الحلقة يعد خطابا، طال أو قصر.
وقد تبلور مصطلح الخطاب من خلال التطور الذي أكسب المصطلح أفقا أوسع وأعطاه مرونة أكبر في التمظهر في أكثر من حقل معرفي نتيجة للمراحل التاريخية التي مر بها والتي كان لها الأثر الكبير في تجلي هذه المعاني في الثقافة الغربية عبر مفاهيم عدة تجلى من خلالها مصطلح الخطاب. مما جعل التيارات النقدية التي تناولت الخطاب تتأثر بهذه المفاهيم والتي لا تخرج عن أربعة مفاهيم، متمثلة في: المفهوم الألسني، المفهوم التداولي، المفهوم السلطوي والمفهوم الثقافي.
أما مفهوم الخطاب السياسي فهو: النسيج اللغوي المكتوب او المنطوق الذي يحمل معنى سياسيا سواء كان فكرا أو سلوكا (تفاعلات أوممارسات) ويضم فاعلين ومتفاعلين في سياق محدد.
فالخطاب السياسي إذا هو خطاب اجتماعي يرتبط بالمجتمع السياسي الذي يوجَّه اليه، و حمل قيمه.
ومن ثم فالخطاب هو أحد أشكال عملية الاتصال السياسي.
ثانيا: خصائص الخطاب السياسي
عرف مصطلح الخطاب السياسي في تحديد مفهومه العديد من الاختلافات، بين قائل أنه خطاب متميز عن الخطابات الأخرى، له خصائصه ومميزاته الأسلوبية التي تجعل منه فضاء واسعا للحجاج، وممارسة السياسة. وبين من يرى أنه خطاب كباقي الخطابات، لا يتميز عنها في شيء، إلى درجة اعتبار كل خطاب هو بالضرورة سياسي. فما هي خصائص الخطاب السياسي؟.
1) الخطاب السياسي خطاب حجاجي
الخطاب السياسي خطاب إقناعي حجاجي، اتخذ من اللغة والسياسة فضاء له، تتجلى من خلالهما خصائصه الإقناعية والحجاجية والإنسانية. فهو كما يعرفه "فيليب بروتون" (Philipe Breton): "نشاط إنساني يتخذ أوضاعا تواصلية متعددة، ووسائله متنوعة، يهدف إلى إقناع شخص أو مستمع أو جمهور ما، بتبنى موقف ما، أو المشاركة في رأي ما، ...".
استنادا إلى هذا التعريف، يمكن القول أن لغة الخطاب السياسي هي لغة تواصلية، إذ ينخرط الخطاب في عملية تواصلية تنطلق من منتج الخطاب أو قائله وصولا إلى المتلقي، عبر وسائل وقنوات مختلفة. وبقدر ما تكون هذه اللغة واضحة وبسيطة ومباشرة تستهدف الإقناع والتأثير، إلا أنها تحتاج إلى من يفك رموزها ومعانيها. مما يجعل من الخطاب السياسي موضوعا يحتاج إلى الكثير من التأمل والفهم والتأويل.
يعتمد الخطاب السياسي في غالب الأحيان على الغموض والتضمين، لأن الأسلوب غير المباشر يساعد على تحقيق التواصل من خلال التأثير والإقناع، الذي تساهم في تحقيقه المعاني الضمنية غير المباشرة. وقد اتخذ الخطاب السياسي الراهن من الصورة الفنية وسيلة من وسائل التواصل. فالصورة الفنية في الخطاب السياسي تقوم مقام الصورة الشعرية في الخطاب الأدبي، "ولعل ما يميز الخطاب السياسي أيضا، أنه يتعلق بالمضامين على حساب الألفاظ، وهذا لا يعني أنه يهمل الألفاظ ولا يعتني بها، لأن التأثير والإقناع لا يتحقق إلا بالشكل والمضمون، وإنما هو خطاب مشحون بالمعاني والدلالات والأفكار والقضايا التي تشغل بال المتلقي". فالخطاب السياسي ليس خطابا عفويا أو انفعاليا، إنما هو خطاب مصنوع، أعد إعدادا متقنا ليؤثر في المتلقين. كما يمثل الخطاب السياسي شكلا آخرا من هيمنة السلطة على الجماهير.
2) الخطاب السياسي خطاب سلطوي
السلطة باعتبارها صانعة الإيديولوجية وحاملة لوائها، فإنها ومن خلال التنظيم الذي تمتلكه الأيديولوجية، تعمل على التأثير في الآخرين وإقناعهم بصدقية أهدافها ومثاليتها. ويتجلى هذا التأثير من خلال العلاقة الارتباطية بين المنظومة الفكرية وطبيعة السلوك الناتج عنها في وظائف الأيديولوجية المتمثلة في: تعميم أفكار الطبقة المهيمنة على السلطة في أي مؤسسة كانت (سياسية، اجتماعية، دينية، ...)، وتقديمها على أنها مصالح عامة لكل أفراد الجماعة، بالاعتماد على انتقاء الكلمات، العبارات والمضامين التي تتلاءم مع مصالح الطبقات والفئات المهيمنة وأهدافها.
فالخطاب السياسي هو ، بالمعنى المحدود، شكل من أشكال الخطاب الذي يسعى من خلاله المتكلم إلى الحصول على السلطة، أو المشاركة فيها أو إضفاء الشرعية عليها. بهذا التعريف نميل لجعل الخطاب السياسي خطاب سلطوي تنافسي، إذ يصعب تصور صراع سياسي بدون خطاب سياسي.
ولكن من وجهة نظر أوسع ، يمكن التعامل مع الخطاب السياسي ببساطة كخطاب علني حول الشؤون العامة، أي شكل من أشكال التعبير الذي يعالج طريقة إدارة المؤسسات العامة ، وقضايا المصلحة العامة في المجتمع.
ومن ثم فالخطاب السياسي هو خطاب سلطوي، يكون أكثر تعقيدا في مضمونه. وقد يكون خادعا ومراوغا لسكوته عن أشياء وتجاهله لها. رغم صدقها، وعلى العكس من ذلك، فهو ينطق بأشياء ويفسح لها مجال الانتشار رغم هشاشتها وبعدها عن الحقيقة.
3) الخطاب السياسي خطاب رأي واتصال
التواصل خاصية طبيعية ترافق الكائن البشري منذ ولادته، وهو عملية آلية وبيولوجية بين جميع الكائنات الحية. أما الوعي به، فهو خاصية ثقافية مجردة مرتبطة بتطور المعرفة حول حدود التواصل في الزمان والمكان. وقد ساهم هذا الوعي في تطور تقنيات الاتصال والتواصل، إذ بفضله اخترع الإنسان لغة التواصل الشفوي عبر الأصوات. ومن ثمة تطورت مضامين الاتصال ومجالاته وأدواته، فاخترعت الكتابة كأداة للتواصل وحفظ المعلومات. وبفضل تطور وسائل الاتصال الجماهيري تحولت عملية التواصل البشري وأصبحت أكثر سرعة وأكثر فاعلية. بل أصبحت تستعمل كسلاح فتاك في الحروب الباردة والساخنة قصد نقل الأخبار والدعاية وتوجيه الآراء والتحكم في الجماهير.
لم يصل البحث في الاتصال إلى نظريته، ولم يشيد نماذجه المعروفة إلا بدءا من سنوات الأربعينيات من القرن 20م في الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا. إلا أن البحث في التواصل السياسي لم يشهد انطلاقته إلا في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات تبعا لما شهدته الساحة الدولية من أحداث(*). ولم يشهد الاهتمام بالتواصل السياسي تطوره النوعي إلا في السنوات العشرين الممتدة من سنة 1970م إلى 1990م، وارتبط هذا الاهتمام دوما باللسانيات، وقد شهد هذا الحقل ازدهارا في الثقافة الغربية والفرنسية تحديدا في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، باعتبارها فلسفة للتعبير عن فشل اليسار الجديد. وقد توسع هذا الازدهار ومس حقولا معرفية أخرى،منها: علم السياسة وعلوم الإعلام والاتصال. وقد رافق هذا الانتشار اهتمام متزايد بالخطاب السياسي(**)، واختلف الباحثون في تسميته ومقاربته. ومهما تعددت الأسماء والمصطلحات، يبقى الخطاب السياسي شكلا من أشكال التعبير وممارسة اللغة بغرض ممارسة التواصل السياسي، إذ يتميز هذا النوع من الخطاب عن غيره من الخطابات بشخصية المتلفظ بالخطاب (السياسي)، وبالسياق (المقام) الذي تتم فيه العملية الخطابية، وبالمعجم اللغوي المستعمل في الخطاب وأشياء أخرى. وبالتالي فإن الخطاب السياسي هو كيان معقد له بعد لغوي (نص الخطاب) ، وبُعد اجتماعي (كإنتاج في السياق) ، وبُعد اتصالي (كتفاعل نهائي).
أصبحت الوسائل الحديثة للتواصل والإعلام تمارس وظائف وتأثيرات غير مسبوقة بين السلطة والمرؤوسين. إنها تمكن الزعيم أو الحاكم، وبكل سهولة، من التوجه شخصيا إلى كل فرد على حدة، وإقناعه بعدالة سياسته، أكثر مما كان عليه الأمر، عندما كان رجل السياسة يتوجه بخطابه عبر منابر الجمعيات التمثيلية، أو عبر الصحف. إذ أن الدخول في تواصل مع فكر المتلفظ بالخطاب كان يتطلب مجهودا للقراءة والفهم والتأويل. وأصبحت بذلك، السمات الشخصية لرجال السياسة المعاصرين وهيئاتهم وأساليبهم البلاغية والخطابية، تتفوق في الضمير الجمعي للمحكومين على الأفكار والبرامج والسياسات. مما جعل "شوارتزنبرغ"(R.G.Schwartzenberg) يصف هذا التحول قائلا: "كانت السياسة في السابق عبارة عن أفكار، بينما أصبحت اليوم عبارة عن أشخاص، أو بالأحرى شخصيات (Des personnages)، لأن كل قائد يؤدي دورا، كما هو الحال في الفرجة (Un spectacle)". فقد أصبحت السياسة في الوقت الحاضر كمسرحية فرجة، يحاول من خلالها رجل السياسة أن يظهر في حالة استعراضية كنجم (Star). فأهمية التطور الهائل لوسائل وقنوات الاتصال، وخطورتها المرتبطة بالاستعمال المكثف من طرف رجال السياسة، تمثلت بالخصوص في تحول السلطة من طابعها التجريدي نحو شخصنة السلطة (Personalisé) ، من خلال دورها كمورد للشعبية السياسية، ومن خلال فعاليتها كقنوات للتسويق السياسي.
لكن الاستعمال السياسي لهذه الوسائط، لم يكن دائما نشاطا تواصليا محايدا، ففي كل مكان تحولت تكنولوجيات الإعلام والاتصال إلى أداة للتعبئة (Mobilisation)، أكثر منها أداة للمشاركة (Participation)، من خلال ما اسماه "كارل دويتش" (Karl Deutsch) "الرفع من كثافة التواصل بين الحاكمين والمحكومين"، وتفعيل وسائل الإعلام كآليات للتأطير والإقناع، تسعى سياسيا إلى جعل رجل السياسة، يحتل كل الفضاء السوسيو سياسي والذهني، من خلال جعل صورة الزعيم السياسي جزءا من اليومي المعيش. وأصبح الخطاب السياسي مشبعا بشخصية الرجل السياسي واسمه ووظيفته. ولم تعد قوة الخطاب السياسي كافية بمركز السلطة القرارية لهذا القائد، بل إنها تدفع بشخصنة السلطة إلى أقصى الحدود.
ثالثا: مفهوم تحليل الخطاب السياسي ونظرياته
يرتكز تحليل الخطاب السياسي على نظريتين شديدتي الارتباط ببعضهما البعض، وقريبتين من حيث المنهج، وهما نظرية تحليل الخطاب ونظرية الاتصال.
أ): نظرية تحليل الخطاب
تهدف هذه النظرية إلى وصف نص الخطاب (Texte)، وسياقه (Contexte)، و يسعى إلى ربط النص والملفوظات بسياقاتها وإلى الإحاطة بالخطاب بوصفه نشاطا غير منفصل عن هذا السياق.
النص: هو بنية الخطاب الداخلية التي تتألف منها المفردات والتراكيب.
السياق: وفيه نوعان: سياق لغوي يرتبط ببنية النص الداخلية، وسياق غير لغوي، ويعنى بدراسة الخطاب في ضوء الظروف الخارجية والمؤثرات المباشرة عليه، وظروف إنتاجه. يدخل في ذلك خصائص السياق الإدراكية والاجتماعية والثقافية، والمشاركون في الحدث، وارتباط الخطاب بالمكان والزمان([1]). فالخطاب السياسي بهذا المعنى يتجاوز البنية اللغوية إلى دراسة الظروف الخارجية التي أدت إلى إنتاجه، فهو يهتم بالفكرة والمضمون ويهدف إلى التأثير والإقناع والتوجيه والضغط على متلقي الخطاب.
هناك مداخل متعددة ومتنوعة لتحليل الخطاب باعتباره حقلا دراسيا مشتركا بين عدة حقول معرفية. ويمكن تقسيم مداخل تحليل الخطاب، إلى مداخل نقدية وأخرى غير نقدية. وتختلف المداخل النقدية عن المداخل غير النقدية، في أنها لا تقتصر على وصف الممارسات الخطابية بل تبين أيضا كيف يتشكل الخطاب بفعل علاقات السلطة والأيديولوجيا، والعلاقات الاجتماعية ونظم المعرفة والعقيدة.
ب): نظرية الاتصال
برز المفهوم العلمي لنظرية الاتصال في أوروبا الغربية، على أيدي عدد من العلماء والفلاسفة الأوروبيين ضمن اهتماماتهم البحثية في مجالات علم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس الاجتماعي في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر الميلادي، من أمثال دوركهايم، ماكس فيبر، وأوجست كونت، هربرت سبنسر، وغيرهم. فكان لهؤلاء تأثير مباشر في تحديد مفهوم الاتصال باعتباره جزءا من النسيج الاجتماعي. وقد استمر فهم الاتصال باعتباره عملية (Process)، عند علماء الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي، كما اعتبروه محورا لفهم السلوك البشري. وقد واكب تطوره تطور فنون آخر يمثل البلاغة والخطابة السياسية. وقد ساعد على تطور نظرية الاتصال، وابرز أهميتها ظهور وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، مثل الصحافة، الإذاعة والتلفزيون وغيرها.
واهتم علماء الانتروبولوجيا، بدراسة الحركات الجسدية والإشارات، التي تعطي رموزا اتصالية غير لغوية في مجتمعات معينة. واهتم علماء النفس بعمليات التأثير والإقناع. كما درس علماء الاجتماع والسياسة طبيعة الاتصال الجماهيري في نواحي سياسية واجتماعية متعددة. وقام علماء اللغة بدراسة طبيعة اللغة ودورها في حياة المجتمعات ووظيفتها في الاتصال.
يقدم الباحث المغربي "يوسف آيت همو"، تعريفا إجرائيا لمفهوم الاتصال، محاولا رصد القواسم المشتركة بين مختلف العلوم التي تناولت هذا المفهوم، فيقول: "التواصل إذا هو بنية ديناميكية ووظيفية تستلزم نية التفاعل والإرسال، ونية الاستقبال ومن خلال استعمال رموز وقوانين، تم الاصطلاح عليها من قبل".
فالتواصل عملية تستلزم مجموعة من المكونات من العلاقات الثابتة، ويقدم الكاتب "يونس آيت همو"، المخطط الآتي لفهم مكونات العملية الاتصالية كما يلي:
سياق مشترك
مرسل – منجز – رسالة/خطاب – مستقبل – مرسل إليه
قناة
شيفرة
تشويش إسترجاع
المرسل هو صاحب نية التواصل والمسئول الفكري والقانوني عن إنتاج الخطاب أو الرسالة وعن نجاح أو فشل عملية التواصل. أما المنجز، فهو كل جهاز مادي لا نية له يقوم بترجمة أفكار المرسل إلى خطاب محسوس. ويكمن عمق التواصل بين المرسل والمرسل إليه في المعرفة والمواقف والأحاسيس والقيم والتجارب والثقافة والاهتمامات والطموحات الخاصة بكل واحد منهما والمشتركة.
أما وظائف التواصل ثلاثة أساسية وهي:
أ- وظائف معرفية تهتم بكل ما له علاقة بمحتوى الخطاب، كالإخبار، الإحالة على الواقع المشترك، والتقليل من التشويش.
ب- وظائف تداولية تهتم بالتعبير عن الذات المتكلمة، وبالمرسل إليه من خلال التأثير عليه، وبخصائص الاسترجاع (التغذية الراجعة).
ج- وظائف صورية شكلية تهتم بشكل الرسالة، وفعالية القناة وصلاحية الشفرة. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن كل هذه الوظائف موجودة في جميع الرسائل، كيفما كان شكلها ونوعها. فكل رسالة تحتوي على وظائف تداولية ومعرفية وشكلية. ويكمن الفرق بين رسالة وأخرى في مدى قوة حضور كل وظيفة، وحسب نية وأغراض التواصل وظروف نجاح العملية التواصلية. فالخطاب الاشهاري والدعائي، تهيمن فيه الوظيفة التداولية التأثيرية، أما الخطاب العلمي فهو مرتكز على الوظائف المعرفية. فالتواصل عملية معقدة وبنية مركبة من عناصر عامة، هي: المرسل، المنجز، الرسالة/الخطاب، المستقبل، المرسل إليه، السياق، القناة، الشفرة، التشويش، الاسترجاع، والمصفاة.
كما تجدر الإشارة إلى أن هناك علاقة وثيقة بين الخطاب، الأيديولوجيا والسياسة، إذ يمكن اعتبار الإيديولوجيات إلى حد كبير منتوجا خطابيا بامتياز. وإذا كانت الإيديولوجيات تعرف بشكل غامض وسلبي في المقاربات التقليدية، فإن المقاربات المعاصرة والمتعددة الاختصاصات، تصف الأيديولوجيات بأنها الأساس البديهي للتمثيلات الاجتماعية المشتركة بين المجموعات.
وتلعب الأيديولوجيات في المجال السياسي دورا أساسيا في تعريف الأنظمة السياسية، المنظمات الحركات، والأحزاب السياسية، ...، وتحديد أنماطها واتجاهاتها. كلها مستنسخة أو مطبقة من خلال الخطاب السياسي. إذ يتم التعبير في الخطاب السياسي عن الايديولوجيات السياسية الكامنة عادة من خلال التأكيد على السمات الإيجابية للأنا (نحن)، وعلى الخصائص السلبية للآخر(هم)، والتخفيف من الخصائص السلبية للذات، ومن السمات الإيجابية لديهم.
المحاضرة الثامنة: منهج تحليل المضمون (المحتوى)
هو منهج كمي بدأ إستخدامه في الصحافة أول الأمر ، ثم أستخدم في علم الإجتماع بعد ذلك ، ويسمى عند بعض المتخصصين بتحليل المحتوى لإهتمامه بتحليل مضامين وسائل الإتصال الجماهيري والمضامين السياسية .
أولا: تعريف تحليل المضمون :
يعرفه برغسون بأنه: أسلوب للبحث يهدف إلى الوصف الموضوعي المنظم الكمي لمحتوى ظاهرة لإتصال ( الإتصال يعني كل معاني التي يعبر عنها بالرموز المختلفة ( الكلمة أو الصوت أو الصورة أو الرسم ) ويهدف الإتصال إلى الإجابة عن الأسئلة )
ويعرفه كابلان على أنه العد الإحصائي للمعاني التي تتضمن المادة الاساسية الخاضعة لتحليل لإستخلاص نتائج علمية
ويعرفه "هولستي" في العلوم السياسية فيرى أنه بحث علمي يسعى لإكتشاف علاقات إرتباط بين الخصائص المعبرة في أي مادة إتصالية عن طريق التعرف على هذه الخصائص بطريقة موضوعية وممنهجة
ويعرفه جانيس أنه: أسلوب بحث يهدف إلى تبويب خصائص المضمون في فئات ، وفقا لقواعد يحددها المحلل بإعتباره باحثا علميا .
وبالعودة إلى تعريف بارغسون وإلى أهداف العملية الإتصالية والأسئلة المرتبطة بها ، ويمكن تحديد المباحث الكبرى لتحليل المضمون وهي كالأتي: 1- تحديد من الذي يقول : يعني تحديد شخصية القائل سواء كان كاتبا أو مؤلفا أو سياسيا من خلال أصولهم الطبقية والإجتماعية وإنتمائهم السياسية
2- تحديد ماذا يقول : يعني تحديد مضمون الرسأئل الإتصالية
3- تحديد جمهور المستقبل للرسالة ( الخطاب ) : ومعرفة سمات هذا الجمهور النفسية والإجتماعية ، الإقتصادية والسياسية لفهم عملية التفاعل الإجتماعي والنفسي والسياسي بين من يصدر الرسالة السياسية وبين من يتلقاها
4- كيف تقال الرسالة : من الأهمية بمكان معرفة كيف تقال الرسالة فهناك وسائل شتى لتعبير عن الأفكار والنظريات السياسية ،تحديد الصور المختلفة والوسائل مسألة هامة
5- تحديد الأثار المترتبة على ذلك أي تحديد مدى فاعلية تلك الرسائل في المجتمع المستهدف
ثانيا: خطوات تحليل المضمون
إن تطبيق الباحث لمنهج أو أسلوب تحليل المضمون يفرض عليه القيام بالعديد من المراحل والخطوات الإجرائية والتي يمكن تحديدها في نقاط التالية
•الخطوة الأولى : تحديد المشكلة البحثية وإطارها النظري ، تحدد بموجباتها فئات ووحدات التحليل
•الخطوة الثانية: تحديد مجتمع البحث الكلي ( مجتمع الدراسة).
•الخطوة الثالثة إختيار عينة ممثلة لمجتمع البحث، ولغرض تحديد وحدات التحليل لإختيار العينة ممثلة فيها لإخضاعها للتحليل ، إعتمد بعض المتخصصين تصنيفا يقوم على 5 وحدات أساسية يمكن إخضاعها للتحليل ، وتتمثل فيما يلي :
1-وحدة الكلمة : هي أصغر وحدة تستخدم في تحليل المضمون ، وقد تسير الكلمة إلى معنى رمزي معين ، كما قد تتحدد عن طريق بعض المصطلحات أو المفاهيم التي تعطيها معنى خاص ، فإن الباحث يصنع قوائم يسجل فيها تكرارات ورورد كلمات أو فئات مختارة عن مادة الموضوع التحليل
2-وحدة الموضوع : يمثل جملة أو أكثر تعبر عن معنى معين أو تؤكد مفهوما سياسيا أو إقتصاديا أو إجتماعيا أو ثقافيا ، ويعتبر الموضوع من أهم وحدات تحليل المضمون عند دراسة الأثار المترتبة عن عملية الإتصالية وتكوين الإتجاهات والرأي العام
3-وحدة الشخصية : ويقصد به الحصر الكلي للخصائص والسمات التي تحدد ملامح شخصية معينة ، سواء تعلق الأمر بشخص بعينه أو بفئة أو مجتمع من مجتمعات ، بقصد تحقيق أغراض معينة تسعى إليها المؤسسات ومراكز الأبحاث
4-وحدة المفردة: ويقصد بها وسيلة إتصال نفسها ، فقد تكون كتاباأو مقالا أو قصة أو حديثا إذاعيا أو برنامجا أو خطابا وتستخدم المفردة كوحدة للتحليل إذا تعددت المفردات
5-وحدة القياس : وتتمثل في تقييم المضمون تقسيمات مادية سواء بالنسبة لمواد الإتصال المقروء أو مسموعة
الخطوة الرابعة : تصميم إستمارات التفريغ وجداول التحليل حيث تنقسم الإستمارات إلى قسمين
• إستمارة التفريغ
• إستمارة التحليل ( جداول التحليل)
الخطوة الخامسة: تطبيق المعالجات الإحصائية ، حيث يقوم الباحث بمعالجة المؤشرات الرقمية عن طريق تطبيق المعادلات الإحصائية المطبقة في الأبحاث الوصفية
الخطوة السادسة : عرض النتائج وتحليلها: يقوم بغرض النتائج النهائية حسب المحاور الموجودة في الجداول ، ومن ثم يتناولها بالتفسير والتحليل و المقارنة والتعليق ليثبت صحة إفتراضاته أو خطئها بصورة كلية أو جزئية.
(*) حرب الفيتنام، صعود وانهيار اليسار الجديد، ارتفاع وتيرة الحرب الباردة، ....
(** ) هل نسميه: اتصالا سياسيا؟، أم خطابا سجاليا؟، أم خطابا صراعيا؟، أم لغة السياسة؟، أم لغة السياسي؟ أم ماذا؟
- Créateur de cours, Enseignant: Djilali Bechlaghem
محاضرات في مقياس نظريات التنظيم والتسيير - السداسي الرابع
محتوى المادة:
المحور الأول: النظريات الكلاسيكية
نظرية الإدارة العلمية لفريديريك تايلور.
نظرية التقسيم الإداري لهنري فايول.
النظرية البيروقراطية لماكس فيبر.
المحور الثاني : بعض النظريات السلوكية
نظرية العلاقات الإنسانية "إلتون مايو".
نظرية X و Y لماك غريغور.
نظرية التوازن التنظيمي.
بعض النظريات الأخرى.
المحور الثالث: بعض النظريات البيئية
نظرية النظم.
النظرية الموقفية.
نظرية Z اليابانية.
المحور الرابع : بعض المداخل الحديثة في دراسة الادارة
أسلوب الإدارة بالأهداف.
إدارة الجودة الشاملة.
الإدارة الإستراتيجية.
إدارة التغيير.
التنمية الإدارية و إدارة التنمية.
الإدارة التشاركية.
- Créateur de cours, Enseignant: Benali Mehamli
حتى نقوم بدراسة تاريخ العلاقات الدولية يجب علينا بداية تحديد المفاهيم، لأن المصطلحات التي تبدو بديهية لا تكون بتلك السهولة المتوقعة في الحقيقة، فقد يتم طرح بعض الأسئلة على الطالب رغم بساطتها يصعب عليه الإجابة عنها، من بينها مفهوم التاريخ ومفهوم العلاقات الدولية.
- Créateur de cours, Enseignant: FatimaZohra Bousekrane