محاضرات منهجية العلوم السياسية

السنة أولى علوم سياسية

السداسي الثاني 2022-2023

الأستاذ: بشلاغم جيلالي

 

المحاضرة الأولى: تصنيف المناهج

                تعبر عملية التصنيف عن الإتجاه الذي يكشف الحقيقة وبرهنة على صحتها ، وبناء عليه يقوم تصنيف المناهج على عدة معايير ،. وعادة تختلف التقسيمات بين المنظريين وتتنوع تبعا لاختلاف هذه المعايير.

ويحدد الباحث بإختيار نوع المنهج الذي سيستخدمه تبعا لنوع أو طبيعة أو الهدف من البحث الذي يقوم به ، هناك عدد من الآراء والإجتهادات التي وردت في عدد من أدبيات البحث العلمي

أولا : تصنيف المناهج على أساس نوع البحث :

 1- مناهج البحوث النظرية : وهي المناهج المتبعة في البحوث التي يقوم بها الباحث من أجل إشباع حاجته للمعرفة ، أو من أجل توضيح غموض يحيط بالظاهرة ، دون النظر إلى تطبيق نتائجه في المجال العلمي

2- مناهج البحوث التطبيقية: وهي المناهج المتبعة في الأبحاث الميدانية التي يقوم بها الباحث بهدف إيجاد حل المشكلة قائمة أو التوصل إلى علاج لمفضلة معينة

ثانيا : تصنيف المناهج وفقا لمعيار االعمليات العقلية التي توجهها ( طريقة التفكير )

1-           المنهج الإستدلالي ( الإستنباطي) : وفيه يربط العقل بين المقدمات والنتائج وبين الأشياء وعللها, على أساس المنطق والتأمل الذهني ، فهو يبدأ بالكليات ليصل منها إلى الجزئيات

2-           المنهج الإستقرائي : وفيه يبدأ الباحث بالجزئيات ليصل فيها إلى كليات أو قوانين عامة ، وهو يعتمد على التحقق بالملاحظة المنظمة الخاضعة للتجريب والتحكم في متغيرات المختلفة

3-           المنهج الإستردادي : يعتمد هذا المنهج على عملية إسترداد ماكان في الماضي ليتحقق من مجرى الأحداث ، ولتحليل القوى والمشكلات التي صاغت الحاضر ، فهو منهج تاريخي تحليلي وتجريبي

ثالثا:  تصنيف المناهج  إستنادا إلى أسلوب الإجراء والوسائل المستخدمة:

1-           المنهج التجريبي: يعتمد على إجراء تجارب تحت شروط معينة

2-           المنهج المسحي: يعتمد على جمع البيانات ميدانيا بوسائل متعددة وهو يتضمن الدراسة الكشفية والوصفية والتحليلية

3-           منهج دراسة الحالة: ينصب على دراسة وحدة معينة فردا كان أو وحدة إج ، ويرتبط بإختبارات ومقاييس خاصة

4-           المنهج التاريخي : يعتمد على الوثائق والأثار والمخلفات الحضارية المختلفة ، ويتفرع عنه دراسة الأثار والتنقيب فيها «الأركيولوجي» التي تعنى بالكشف عن أصول تقافات وسلوكيات الشعوب والمجتمعات

خامسا : تصنيف المناهج حسب البعد الزمني :

1-           المنهج التاريخي : وهو الذي يضطلع بدراسة الماضي بإتباع تدقيق المصادر النقلية وإعمال المقاربة المنطقية التحليلية لنصوص المنقولة

2-           المنهج الأمبريقي: وهو الذي يضطلع بدراسة الحاضر من خلال التجريب أو الخبرة المسجلة آنيا داخل التجربة من خلال الملاحظة وأدوات الرصد الآنية لكامل مجتمع البحث ، أو ظاهرة المرصودة بالكامل

3-           المنهج التنبؤي : وهو الذي يضطلع بدراسة المستقبل ، وفق برامج وآليات التنبؤ من خلال دراسة التغيرات في مسلك الماضي وخط سيره ، وإسقاطها على المقابل المستقبلي لها

سادسا : تصنيف المناهج حسب حجم الموضوع المبحوث:

1-           منهج دراسة الحالة : ويعتمد على دراسة وحدة معينة لمجتمع البحث

2-           منهج الأصل الإحصائي العام : ويعتمد على إخضاع مجتمع البحث بالكامل الدراسة الإحصائية الشاملة

3-           منهج العينة : وتخضع لدراسة فيها عينة من المجتمع البحث ، يجري إختيارها وفق ضوابط محددة ،أو عشوائيا حسب إحتياجات البحث ، وفيها الدراسات الميدانية وقياس الرأي العام

سابعا: المنهج حسب الهدف منه :

1-           المنهج الوصفي

2-           المنهج التفسيري

3-           المنهج الإرتباطي

ثامنا: تصنيف المناهج حسب طبيعة الدراسة :

1-           المنهج العقلي: طريقة دراسة الأفكار والمبادئ العقلية ، ويقوم على قواعد المنطق الأرسطي ، ويعتمد القياس والإستقراء والتمثيل في الإستدلال ، وهذا المنهج هو المتبع في فلسفة وعلم الكلام وعلوم الأصول والفقه

2-           المنهج النقلي: طريقة دراسة النصوص المنقولة ، وهو يعتمد على توثيق إسناد النصوص المنقولة إلى قائليها ، والتحقق من صدقها وفهم مدلولاتها ، ويستخدم هذا المنهج في دراسة كل المعارف التي تكون مصدرها النقل ، وهو أقدم المناهج تاريخية

3-           المنهج التجريبي: طريقة دراسة الظواهر العلمية في العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية وهو منهج حديث يقوم على الإستقراء عن طريق الملاحظة والتجربة

4-           المنهج الوجداني : هو طريقة الوصول إلى المعارف والأفكار الروحانية والوجدانية ، ويعتمد على رياضة الروحية  بغية أن  تسمو النفس فترتفع إلى مستوى الأهلية والإستعداد الكافي لإلهام ، ويستخدم هذا المنهج في التصوف والمعارف العرفانية

5-           المنهج التكاملي : ويعني إستخدام أكثر من منهج في البحث ، بحيث تتكامل فيما بينها في وضع وتطبيق مستلزمات البحث

6-           المنهج المقارن : وهو طريقة التي يتبعها الباحث في للموازنة بين الأشياء ويتبع في بحوث ودراسات القانون المقارن والفقه المقارن وما شاكلها

7-           المنهج الجدلي: وهو يعني وفق المنطق الأرسطي ، المناظرة أو قياس المؤلف في المشهودات و المسلمات .

                إن المنشغلين بمناهج البحث ، لا يتفقون على تصنيفات محددة لمناهج البحث ....، ويرجع ذلك إلى تبني بعضهم لنماذج نموذجية رئيسية وإعتبار المناهج الأخرى جزئية متفرعة عن المناهج رئيسية ، ويعتبر غيرهم المناهج مجرد أدوات أو أنواع للبحث وليست مناهج، وسوف نشير  فيما يلي إلى بعض التصنيفات:

1-           تصنيف هويتني : حيث يرى أن المنهج يرتبط بعمليات العقلية اللازمة لحل مشكلة البحث وهذه العمليات تتضمن وصف الظاهرة أو الظواهر المتعلقة بالمشكلة محل الدراسة كما يشمله هذا الوصف من المقارنة والتحليل والتفسير للبيانات و المعلومات ، كما ينبغي التعرف على مراحل الظاهرة تاريخيا ، والتنبؤ بما يمكن أن تكون عليه الظاهرة في المستقبل ، وقد يستعين الباحث بالتجربة لضبط المتغيرات المتباينة .

كما ينبغي أن تكون هناك تعميمات فلسفية ذات طبيعة كلية ، وعلى ذلك فقد وضع هويتني تصنيفا لمناهج كمايلي:

1-           المنهج الوصفي ويتضمن أشكالا كثيرة وهي المسح ، دراسة حالة ، تحليل الوثائق والنشاطات ، الوصف المستمر على مدى فترة طويلة ، البحث المكتبي والوثائقي

2-           المنهج التاريخي: يعتمد على نقد الوثائق وتحقيقها ، والتركيب ، التأليف بين الحقائق ، التفسير

3-           المنهج التجريبي : إستخدام التجربة في قياس و ضبط المتغيرات

4-           البحث الفلسفي : ويتضح ذلك عند تحديد الأهداف الأساسية للبحث وكذلك عند المرحلة الأخيرة وهي مرحلة التعميم ، حيث يرى هوينتي أن البحث العلمي والفلسفي متكاملان

5-           البحث التنبؤي

6-           البحث الإجتماعي

7-           البحث الإبداعي خاصة في الأدب والفن والعلم

2-           تصنيف ماركيز : حيث وضع 6 أنواع

            المنهج الأنثروبولوجي ويعتمد الملاحظة الميدانية

            المنهج الفلسفي

            منهج دراسة حالة

            منهج التاريخي

            منهج المسحي

            المنهج التجريبي

3-           تصنيف محمد طلعت عيسى : في البحوث الإجتماعية يصنفها:

            منهج دراسة حالة

            المسح الإجتماعي

            المنهج التاريخي

            المنهج الإحصائي

            المنهج التجريبي

            المنهج المقارن

4-           تصنيف عبد الرحمن البدوي: مناهج البحث العلمي تنقسم إلى 3

            المنهج الإستدلالي

            المنهج التجريبي

            المنهج الإستردادي

 

المحاضرة الثانية: المنهج الوصفي

 

                يعتبر الوصف ركنا أساسيا في أركان البحث العلمي ، ومنهجه من أهم المناهج المتبعة فيه ، إذ أن الباحث الذي يرغب في الوصول إلى نتائج  علمية ويعتمد عليها لابد من ان يحرص على وصف الوضع الراهن للظاهرة ، وذلك برصدها وفهم مضمونها والحصول على أوصاف دقيقة وتفصيلية لها بغية الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها و المشكلات التي يدرسها

أولا : مفهوم المنهج الوصفي :

يعرف بأنه أسلوب من أساليب التحليل المرتكزة على معلومات كافية ودقيقة عن ظاهرة أو موضوع محدد لفترة أوفترات زمنية معلومة ،وذلك من أجل الحصول على نتائج علمية ،وتم تفسيرها بطريقة موضوعية ،بما ينسجم مع المعطيات الفعلية للظاهرة .

ثانيا: أهداف المنهج الوصفي:

1 جمع معلومات حقيقية ومفصلة للظاهرة موجودة فعلا في مجتمع معين

2تحديد المشاكل الموجودة أو توضيح بعض الظواهر

3 تقييم بعض ظواهر وإجراء المقارنة

4 إيجاد العلاقة بين الظواهر المختلفة

4 تحديد ما يفعله الأفراد في مشكلة ما  والإستفادة من أرائهم وخبراتهم في وضع تصورات وخطط مستقبلية ،وإتخاذ قرارات مناسبة في مشاكل ذات طبيعة متشابهة

ثالثا: أسس المنهج الوصفي

1 ٱمكانية الإستعانة بمختلف الأدوات المستخدمة للحصول على بيانات كالمقابلة والملاحظة وإستمارة البحث وتحليل الوثائق

2 الدراسات الوصفية تهدف إلى وصف وتحديد خصائص الظواهر بشكل عام أو بشكل معمق أي إنتقال من الوصف الكمي والكيفي إلى دراسة الأسباب المؤدية للظواهر

3 تعتمد الدراسات الوصفية غالبا على إختيار عينات ممثلة المجتمع الذي تؤخذ منه وذلك توفيرا للجهد و الوقت

4 لابد من إصطناع التجريد خلال البحوث الوصفية حتى يمكن تميز خصائص أو سمات الظاهرة المبحوثة

5 ضرورة تصنيف الأشياء أو الوقائع أو الظواهر محل الدراسة على أساس معيار معين ، وذلك يساعد على التعميم

رابعا : مراحل وخطوات المنهج الوصفي

أالمراحل :

المرحلة الأولى : مرحلة الإستكشاف والصياغة :

بمعنى إستطلاع مجال محدد للبحث أو صياغة مشكلات تصلح للبحث الدقيق لاحقا ،مع توضيح بعض المفاهيم وتحديد الاولويات المسائل الجديرة بالبحث وتضم إجراءات الدراسات الكشفيه:

            الإلمام بالدراسات السابقة المتصلة بمشكلة البحث

            إستشارة الخبراء والأخصائين حول المشكلة المراد دراستها

            تحليل بعض الحالات التي تزيد من إستبصارنا بالمشكلة ونلقى مزيدا من الضوء عليها

المرحلة الثانية : مرحلة التشخيص والوصف المتعمق

تتضمن وصف الخصائص المختلفة ، و جمع معلومات حول موقف إجتماعي أو الظواهر الإجتماعية ما، أو مجتمع أو مؤسسة

ب-  الخطوات :

            تفحص الموقف المشكل ،ودراسته دراسة واقعية

            تحديد المشكلة المراد دراستها

            صياغة فرضية معينة لهذه المشكلة

            إختيار عينات التي ستجري عليها الدراسة مع توضيح حجم هذه عينة وأسلوب إختيارها

            إختيار أدوات البحث وطرق جمع البيانات كالإستييان و المقابلة أو الملاحظة وفقا لطبيعة المشكلة موضوع الدراسة

            جمع البيانات بطريقة موضوعية ودقيقة

            تصنيف البيانات بغرض المقارنة وتبين العلاقات

            تحديد النتائج التي توصل عليها الباحث وتنظيمها وتصنيفها

            تحليل النتائج وتفسيرها بدقة ؤإستخلاص التعميمات ، مع إمكانية وضع توصيات لتحسين الواقع الذي يدرسه

خامسا: تصنيف البحوث الوصفية:

1 –الدراسات المسحية : وهي جمع معلومات و بيانات عن ظاهرة للتعرف عليها وتحديد وضعها ومعرفة جوانب الضعف و القوة فيها ،  لمعرفة مدى الحاجة لأجراء تغيرات فيه فبواسطة المسح نجمع وقائع و معلومات موضوعية عن ظاهرة معينة أو حادثة مخصصة ، أو جماعة من الجماعات ، أو ناحية من النواحي .

2 -  الدراسة العلاقات المتبادلة :

اذا كانت الدراسات المسحية تكتفي بجمع البيانات و معلومات عن الظاهرة التي تدرسها ، من أجل وصف وتفسير هذه المعلومات عن الظاهرة التي تدرسها ، من أجل وصف وتفسير هذه معلومات لفهم هذه الظواهر ، فإن دراسة العلاقات لا تكتفي بعملية الوصف والتفسير ، بل تهتم بدراسة العلاقات بين الظواهر ، وتحليلها والتعمق بها لمعرفة الإرتباطات الداخلية في هذه الظواهر و الخارجية بينها  وبين الظواهر الأخرى

ويدخل ضمن هذا الصنف ماسمي ببحوث دراسة الحالة بإعتبارها بحوثا تتسم بالتعمق في حالة من حالات و البحث في العوامل المعقدة التي أثرت فيها ، و الظروف الخاصة التي أحاطت بها ، والنتائج العامة و الخاصة الناتجة عن كل ذلك

3- الدراسات الانمائية : تتناول الدراسات الوصفية الانمائية الوضع القائم الظواهر و العلاقات التي تحدث بمرور الزمن ، فهي أسلوب لمعالجة مشكلات التطور وتغير التي تمر بها الظاهرة ، وذلك بأنها تصف التغيرات في تطورها خلال مدة  تطول وتقصر

وتختلف هذه دراسات عن الأسلوب التاريخي بكونها تمر من الحاضر إلى مستقبل ، بينما يهتم الأسلوب التاريخي بدراسة سابقة ، كما تختلف عن الأسلوب التجريبي لان الباحث هنا لا يستخدم أسلوب الضابط أو تثبيت العوامل كما يستخدم في منهج التجريبي

خامسا: تقويم منهج البحث الوصفي :

يميل البعض إلى إعتبار البحوث الوصفية أقل قيمة من البحوث التجريبية ولعلها في بعض الأحيان هي كذلك ، ولقد إرتبط هذا المنتج منذ نشأته بدراسة المشكلات متعلقة بالمجالات الإنسانية ، وذلك لصعوبة إستخدام منهج التجريبي في هذه المجالات ، وقد تكون خطورة أولية وضرورية تسبق البحث التجريبي وتعينه ، وقد تكون أحيانا الطريقة الوحيدة في دراسة المواقف الإجتماعية و دراسة السلوك البشري ولهذا تبرز أهمية المنتج الوصفي في كونه

            المنهج الوحيد الممكن لدراسة بعض الموضوعات الإنسانية ، كما يستخدم في دراسة الظاهرات الطبيعية المختلفة من مثل وصف الظواهر الفلكية والبيولوجية

            يقدم المنهج الوصفي فوائد كثيرة في فهم مختلف الظواهر الإجتماعية والإنسانية ، وذلك بسب تقديم حقائق ومعلومات وبيانات دقيقة عن واقع الظاهرة

            يقدم توضيحا العلاقات بين الظواهر المختلفة ، كالعلاقة بين الأسباب والنتائج ، و العلاقة بين الكل والجزء ، مما يساعد الأنسان على فهم هذه ظواهر

            يقدم تفسيرا وتحليلا الظواهر المختلفة ، مما يساعد على فهم العوامل التي تؤثر في هذه الظواهر

            يساعد إلى حد ما في التنبؤ بمستقبل الظواهر المختلفة من خلال تقديم صورة عن معدل التغير السابق في ظاهرة مما يسمح للباحث بالتخطيط لبعض جوانب المستقبل

            إنه المنهج الأكثر إستخداما وملائمة في دراسة الظواهر الإنسانية والإجتماعية لصعوبة إخضاع هذه الظواهر للتجريب ، وفي هذا نلاحظ أن حصاد العلوم الإنسانية قد تناميا ناجحا في مرحلة الوصفية ، فإذا كنا بإزاء أي ظاهرة إنسانية مثلا التفوق الدراسي أو الإرهاب أو تعاطي المخدرات ، ويمكن ان نتوقع من العلوم الإنسانية تعريفات علمية دقيقة للظاهرة ، أو الإجابة عن السؤال كيف تحدث

            ليس الوصف أمرا يسيرا أو هينا أو مجرد مرحلة تمهيدية بل إن الوصف بمنزلة إكتشاف  للظاهرة، لانه عملية تعين وإختبار علاقات أكثر أو أقل عمومية بين خواص  الظاهرة موضوع البحث ، وهو ٱكتشاف لان هذه العلاقات لم تكن معروفة قبل الوصف العلمي الذي كشف عنها ورغم ما ذكرناه حول مميزات هذا المنهج أشار بعض الباحثين إلى نقائص المنهج الوصفي :

            الدراسات الوصفية هي أعمال علمية لا ترقى إلى مستوى الأبحاث التجريبية التي تملك قدرة تفسيرية أكبر

            إمكانية إعتماد الباحث على معلومات أو بيانات خاطئة

            وجود فرصة اتميز الباحث في جمع البيانات وميله إلى مصادر معينة ، وتزوده بما يريد لا بما هو حقيقي

            إن إثبات القروض في الدراسات الوصفية عملية صعبة ، لانها لا تتم بالتجربة لإتباث الفروض بل تثبت بواسطة الملاحظة ، مما يقلل من قدرة الباحث على التفسير وإتخاذ القرار

            تناقش البحوث الوصفية ظواهر محدودة ومكان محدد ، ومن الصعوبة تعميمها لتغيرهما من زمان لأخر ومن مكان لأخر

            إن قدرة البحوث الوصفية على التنبؤ تبقى محدودة ، بسبب طبيعة الظاهرة الإج التي تتسم بالتعقيد والتعرض لعوامل متعددة تؤثر في تطورها أو وغيرها  ورغم كل هذا فإن البحوث الوصفية هي الخطوة الأولى للوصول إلى العلم .

المحاضرة الثالثة : المنهج المسحي

أولا: تعريف المسح :

الدراسات المسحية هي دراسات التي تقوم على محاولات منظمة للحصول على معلومات ضخمة من أعداد كبيرة لجمهور معين أو عينة منه من خلال أساليب المقابلة والإستبيان حيث لا تقتصر على مجرد وصف للظاهرة ، وإنما تتعدى إلى أسباب حدوثها وعلاقاتها بظواهر أخرى ، ويشير البحث المسحي إلى تلك عملية التي تستهدف معرفة أراء الناس ومواقفهم وسلوكاتهم وتوجهاتهم إزاء قضية معينة ,ويتبع في ذلك طرقا علمية منظمة

ثانيا : مجالات إستخدام المنهج المسحي

1-           يستخدم لمعرفة أراء الناس وأحكامهم ومعتقداتهم عن أحداث موضوعات معينة

2-           يستخدم لمعرفة إتجاهات السلوك لدى الأفراد والجماعات

3-           دراسة وإستقصاء رغبات الأفراد والجماعات ، والتعرف على ميولاتهم وأهدافهم وقياسها كيفيا وكميا

4-           قياس الرأي العام إزاء الفضائية المختلفة

ثالثا: أنواع المسح

            تصنيف المسح وفقا للمجال والمدى الذي يغطيه:

أ‌-             المسوح العامة : وهي التي تهتم بمسح الظاهرة أو الموضوع بشكل شمولي فتعالج جوانب عديدة للوحدة محل الدراسة

ب‌-          المسوح الخاصة : وهي التي ترتكز على جوانب محدد لدراسة الوحدة ، محل البحث بحيث تتميز بدقة ووضوح

            تصنيف المسح حسب الأهداف التي يتوخاها :

أ‌-             المسوح الوصفية : وهي التي تقوم بوصف الوضع الحاضر وتصويره ، ووصف الممارسات والعمليات والإتجاهات السائدة و الظروف القائمة ، سواء كان هذا الوصف بلألفاظ والعبارات أو برموز والتعابير الرقمية

ب‌-          المسوح التفسيرية : وهي التي تستهدف التعمق في وصف الوضع القائم وفي معرفة أبعاده وإرتباطاته ومن ثم العمل على تفسيره ، فالمسح هنا يكشف لنا العلاقة بين متغيرات الظاهرة المدروسة

            تصنيف المسح وفقا للجمهور الذي يغطي المسح :

أ‌-             المسوح الشاملة : وهي التي تستهدف دراسة كل أفراد  ومفرادات المجتمع دون إستثناء بشكل يعكس الواقع الفعلي للمجتمع قيد البحث ، فهي مسوح تشمل جمهور الدراسة كله وليس عينات منه

ب‌-          المسوح بالعينة : وهي التي تقوم على إختيار عينة تمثل المجتمع الأصلي لدراسة وفق إختيارات منهجية لأنواع العينات بهدف تقليل نسبة الأخطاء والتحيز قدر الٱمكان ، ويتم تعميم نتائج العينة على بقية أفراد المجتمع الذي إختيرت منه عينة البحث و الدراسة

رابعا: خطوات البحث المسحي :

1-           الإعداد والتخطيط : وتتضمن مجموعة من الترتيبات

أ‌-             تحديد غرض من المسح

ب‌-          تحديد مفاهيم المستخدمة في مسح وتعريفها

ت‌-          صياغة الفروض إذا كان بحث يقتضي ذلك

ث‌-          تحديد الأدوات الازمة  بجمع بيانات

ج‌-          تحديد مجالات البحث ( البشري ، المكاني، الزماني)

2-           جمع البيانات و المعلومات : بحيث يتم جميعها من مصادر مختلفة ، بدءا بخبرة الباحث الشخصية بالمجتمع المبحوث ومرورا بالوثائق المكتوبة المختلفة وكذلك عبر الملاحظة وإستبيان ومقابلة وغيرها ، ويتوجب هنا أن ايختارالوسيلة الملائمة للموضوع وأن يكسب ثقة وتعاوون المبحوثين قدر الإمكان وأن يشرح لهم أهداف البحث ، مع الإبتعاد عن توجيه الأسئلة المحرجة

3-           تحليل البيانات و المعلومات :

وتتضمن هذه الخطوة :

أ‌-             مراجعة البيانات التي تم جمعها للتأكد من دقتها وتباثها وعدم تناقضها

ب‌-          تصنيف البيانات بتقسيمها إلى مجموعات متجانسة لتتم جدولتها

ت‌-          تحويل البيانات الوصفية إلى بيانات الوصفية إلى بيانات رقمية

ث‌-          جدولة البيانات الكمية وحساب النسبة المئوية

ج‌-          عملية التحليل الإحصائي للجداول

ويسعى الباحث إلى تفسير ما توصل إليه من معلومات لمعرفة الإرتباطات السببية بين مكونات الظاهرة المدروسة

4 – عرض النتائج وكتابة التقرير : على الباحث ان يسجل النتائج كما توصلت إليها عملية البحث ، بإستعراضها في تقرير مفصل يتضمن أهداف وخطوات الدراسة والمصاعب التي واجهته خلالها وكذا النتائج التي توصل إليها ، كما يتوجب على الباحث ان يحدد ما إذا كانت نتائج الدراسة قابلة للتعميم على مواقف مشابهة أم لا

خامسا : أدوات البحث المسحي :

1-           الملاحظة : وتنصب على تصرفات وسلوكات الأفراد وعلى المواقف والأحداث

2-           الإستبيان : وهو عبارة عن تقنية بجمع البيانات ومعلومات عن طريق إسثمارة تتضمن مجموعة من الأسئلة تتعلق بموضوع معين

3-           المقابلة : وهي إتصال أو مواجهة بين طرفين أحدهما الباحث وطرف الأخر هو المبحوث ، وذلك قصد حصول أول على معلومة من ثاني في موضوع معين

4-           تحليل المضمون : يعرف بأنه أحد الأساليب البحثية التي تستخدم وصف المحتوى الظاهر أو المضمون الصريح للمادة الإعلامية أو الخطاب السياسي وصفا موضوعيا منتظما وكميا وهو يعتمد على تكرار وردود الجمل والكلمات أو المصطلحات والمعاني والرموز المختلفة

سادسا: تقيم المنهج المسحي

أ‌-             المزايا :

            المسح ليس مجرد وصف لأوضاع الحالية للوحدة محل الدراسة ولكنه يتجاوز ذلك إلى عملية التحليل والتفسير و المقارنة وإستخلاص النتائج وتقديم التوصيات

            أسلوب ناجح في دراسة الظواهر والأحداث الإجتماعية و السياسية التي يمكن جمع البيانات والمعاومات وبيانات الرقمية وكمية عنها

            وسيلة لقياس وإحصاء الواقع لوضع خطط وتطويرها

            منهج يحاول الكشف عن العلاقات بين المتغيرات

            يزود الباحث بمعلومات تفيده في تحليل والتفسير وإتخاذ القرار المناسب

ب‌-          العيوب :

            منهج يهتم بالشمول أكثر من التعمق ويركز على الحاضر ويهمل الماضي

            أهمية الدراسة الي يقدمها المسح تتوقف على صدق المعلومات التي يقدمها المبحوثون والتي يمكن أن تكون مزيفة

            كثرة تكاليف المسح المادية وتطلبه المزيد من الجهد والوقت

            وجود بيئة غير مشجعة ، حيث يعود فشل الكثير من دراسات المسحية في دول العالم المتخلف إلى غياب الحرية وإنعدام تعاون المبحوثين مع الباحثين

ومع ذلك تبقى الدراسات المسحية مهمة كونها تقدم لنا إجابات الناس عن قضايا معينة وكذا ردود أفعال الجماهير وتفاعلاتهم مع بيئتهم

المحاضرة الرابعة: منهج دراسة الحالة

أولا: التعريف

تتفق أغلب التعاريف على أن منهج دراسة الحالة هو: "المنهج الذي يتجه  إلى جمع البيانات العلمية المتعلقة بأية وحدة سواء كانت فردا أو جماعة أو أسرة أو مؤسسة أو نطاقا اجتماعيا أو مجتمعا محليا أو نظام أو دولة أو حضارة معينة". وهو يقوم على أساس التعمق في دراسة مرحلة معينة من تاريخ الحالة أو وحدة التحليل المعنية بالدراسة أو دراسة جميع المراحل التي مرت بها وبالتالي فإن منهج دراسة الحالة ليس مجرد أداة لجمع البيانات ولكنه طريق للكشف عن الحقيقة باستخدام البيانات، أو هو طريقة للبحث الوصفي تتجه لتنظيم البيانات وضبطها بهدف الاستفادة منها بشكل كامل لمعرفة حقيقة تطور الحالة محل البحث والدراسة.

ثانيا: خصائص منهج دراسة الحالة

تشبه دراسة الحالة المسح ولكنها اضيق وأعمق، وهي دراسة كيفية بينما المسح دراسة كمية، وكثيرا ما تتكامل الطريقتان من أجل الوصول إلى حقيقة الظاهرة المدروسة. ويمكن تلخيص هذه الخصائص كما يلي:

-  أنه بحث متعمق في حالة من الحالات وفي العوامل المعقدة التي أثرت فيها والظروف الخاصة التي أحاطت بها والنتائج العامة والخاصة التي نتجت عن ذلك.

- لا يكتفي هذا المنهج بالوصف الخارجي أو الظاهري للحالة أو الموقف، ولكنه يركز على الحالة بأكملها وينظر إلى الجزئيات كمظهر من مظاهر الحقيقة الكلية التي تحتويها.

-  يقوم منهج دراسة الحالة على تحديد كل العوامل والعناصر المؤثرة والمتأثرة بهاته الحالة، والكشف عن الأسباب المتداخلة فيها ومعالجتها أو إيجاد حلول لها.

- تهتم دراسة الحالة بدراسة الماضي كمؤثر أساسي في حاضر الظاهرة ومستقبلها.

- يعتمد منهج دراسة الحالة على أكثر من أداة لجمع المعلومات وعلى صياغة المؤشرات والنماذج التي يمكن بواسطتها التعرف على السمات الحقيقية للحالة موضع البحث.

ثالثا: مجالات استخدام منهج دراسة الحالة

-  إذا أراد الباحث معالجة موقف اجتماعي أو سياسي ما،  معالجة معمقة ودقيقة في بيئته الاجتماعية والسياسية ومحيطه الثقافي.

- إذا أراد الباحث متابعة التطور التاريخي لوحدة أو حالة معينة.

- إذا رغب الباحث في معرفة العوامل المتشابكة التي تنشا بين الأفراد أو الجماعات أو الدول كالصراع والتحالفات وتحليل تلك العمليات.

- يستخدم لمعرفة حقيقة الحياة الداخلية لشخصية ما، أو جماعة ما من حيث اهتماماتها ودوافعها.

ويميز البعض بين طريقتين في منهج دراسة الحالة وهما:

أ‌-        تاريخ الحالة: ويقصد بها الحصول على بيانات من مصادر مختلفة حول تطور الحالة (سواء كانت فردا أو جماعة)

ب‌-   التاريخ الشخصي للحياة: ويقصد به عرض تطور حياة الفرد من وجهة نظره الخاصة، بمختلف جوانبها  الانفعالية والسلوكية، وغيرها.

رابعا: خطوات منهج دراسة الحالة:

1- تحديد الظاهرة أو المشكلة أونوع السلوك والموقف المطلوب بحثه ودراسته.

2- تحديد المفاهيم والفروض العلمية والتأكد من توافر البيانات المتعلقة به.

3- تحديد وسائل جمع البيانات كالملاحظة والمقابلة والوثائق الشخصية كالسير الذاتية والمفكرات، ...إلخ.

4- جمع البيانات وتبويبها وتصنيفها.

5- القيام بعملية التحليل والتفسير.

6- التقرير وكتابة البحث.

ويقدم بعض الباحثين مجموعة من القواعد الأساسية لنجاح دراسة الحالة أهمها:

أ- التنقيب في التاريخ لتتبع تطور ونشأة الظاهرة،وما أحاط بهذه النشأة  والتطور من عوامل ومتغيرات وعلاقات، مع تحديد المعالم الأساسية التي تعتبر نقطة تحول في تاريخ الوحدة.

ب- النظر إلى الوحدة على أنها كل مترابط، أي نسق ترتبط أجزاؤه بمبادئ مشتركة.

ج- أبراز الأحداث الأكثر تأثيرا في الوحدة محل الدراسة.

د- ضرورة دراسة العلاقة القائمة بين الوحدة موضع الدراسة والوسط المباشر أو غير المباشر الذي توجد الوحدة أو الحالة في إطاره.

خامسا: تقييم منهج دراسة الحالة

أ- المزايا:

1- أنه منهج يمكن الباحث من النفاذ إلى أعماق الظواهر أو المواقف التي يقوم بدراستها بدلا من الاكتفاء  بالجوانب السطحية العابرة.

2- يفيد في الكشف عن كيفية تطور أساليب السلوك والاتجاهات وديناميات التغير الاجتماعي والسياسي عبر فترة من الزمن.

3- يفيد الباحث من اختبار المواقف والنظم والأشخاص بالتتبع للحالات المدروسة

ب- العيوب:

1- وجود خلل أو غموض في البيانات المتوافرة بما يؤدي إلى التشكيك فيها.

2- غلبة التفسيرات الذاتية على الدراسة في بعض الاحيان.

3- عدم قدرة المنهج على تعميم النتائج إلا إذا تكررت الدراسة على حالات أخرى مختلفة.

4 – كما يؤخذ على هذا المنهج الكلفة والجهد والمال والوقت الكبير.

 

المحاضرة الخامسة: المنهج التاريخي

أولا: المفهوم والتعريف

يعرف التاريخ بأنه: " السجل المكتوب للأحداث الماضية"، أو أنه:" التدوين الموثق للأحداث الماضية"، وعرفه البعض بأنه: "وصف الحقائق التي حدثت في الماضي بطريقة تحليلية ناقدة".

وعلم التاريخ بوصفه علما للأحداث الماضية، لا يمكن فصله عن المنهج التاريخي. فمنهج البحث التاريخي هو أداة لعلم التاريخ في الوصول إلى نتائج أو قوانين أو قواعد يمكن تعميمها واستخدامها للتنبؤ ضمن السياق التاريخي.

لا نقصد بالمنهج التاريخي سرد الوقائع التاريخية أو تجميعها لتكون ركاما من المعلومات المتناثرة التي تفتقر إلى إطار تحليلي يرشدنا في دراسة الظواهر، ولكن نقصد به الجانب التفسيري التحليلي الذي يمكن أن يمدنا به المنهج التاريخي في دراسة الظواهر الماضية التي ولدت في ظروف زمنية لها خصائصها، أو دراسة ظاهرة حاضرة تمتد جذورها إلى الماضي.

الهدف من استخدام المنهج التاريخي هو مقدرته التفسيرية من خلال تناول الظروف المحيطة بميلاد الظاهرة أو اختفائها، ومثال ذلك نشأة الدساتير ،  الظاهرة الحزبية، المؤسسات البرلمانية، أو اختفاء نظام سياسي أو اجتماعي معين، أو التطورات التي تطرأ على مؤسسة من المؤسسات.

يحاول المنهج  التاريخي من خلال استخدامه الوصول إلى القوانين التي تحكم الظواهر، وهو يستهدف التعميم بعد استخلاص العلاقات الموجودة بين ظاهرة أو حادثة ما والوضعية أو الظرف الذي حدثت فيه. وفي هذا السياق يقول "لويس يونج": "أننا في البحث الاجتماعي نتعقب التطور التاريخي لكي نعيد بناء العمليات الاجتماعية ونربط الحاضر بالماضي، ونفهم القوى الاجتماعية الأولى التي شكلت الحاضر بقصد الوصول إلى وضع مبادئ وقوانين عامة متعلقة بالسلوك الإنساني  للأشخاص والجماعات والنظم الاجتماعية".

وعليه يمكن تعريف المنهج التاريخي بأنه : " الطريقة التاريخية التي تعمل على تحليل وتفسير  الحوادث التاريخية الماضية كأساس لفهم المشاكل المعاصرة و التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل"، أو " هو منهج للبحث العلمي يقوم بالبحث والكشف عن الحقائق التاريخية من خلال تحليل وتركيب الأحداث والوقائع الماضية المسجلة بالوثائق والأدلة التاريخية وإعطاء تفسيرات وتنبؤات علمية عامة في صورة نظريات وقوانين عامة".

ثانيا: أهمية المنهج التاريخي

يساهم المنهج التاريخي لفهم التاريخ وإعادة بناء أحداثه بما يسمح باستيعاب الماضي وتوظيفه لفهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل.  وتبدو أهمية المنهج التاريخي والدراسات التاريخية للباحث في العلوم السياسية والاجتماعية فيما لي:

-          يتيح إمكانية حل مشكلات معاصرة في ضوء الخبرات الماضية.

-          إلقاء الضوء على اتجاهات جارية ومستقبلية.

-          يتيح التاريخ القدرة على توظيف الماضي للتنبؤ بالمستقبل، وعلى استخدام الحاضر لتفسير الماضي.

-          يتيح إمكانية إعادة تقييم البيانات والمعلومات بالنسبة لفروض معينة أو نظريات جارية استنادا إلى الماضي.

-          يساهم في توضيح خصوصية كل ظاهرة وتفردها أوعموميتها وقابليتها للتكرار.

ثالثا: مراحل وخطوات تطبيق المنهج التاريخي

1-  اختيار مشكلة البحث التاريخي وتحديدها: يقوم الباحث باختيار مشكلة البحث أو موضوع دراسته على أن يكون هذا الأخير متلائما مع طبيعة المنهج التاريخي، ومن العوامل التي تؤثر في اختيار المشكلة ما يلي:

-          استمرارية المشكلة (أوالظاهرة) : وما إذا كانت مستمرة في الزمن حيث يمكن تتبعها، ومن الأهمية تحديد الإطار الزمني للدراسة عند إعداد الخطة.

-          شخصية الباحث: واهتماماته وخلفياته البحثية ودوافعه.

-          المجال الجغرافي للوقائع والأحداث: قد يتوسع أو يضيق، حيث يلتزم الباحث بتحديده.

-          كيفية تتابع الأحداث: وهل واكبتها أحداث أخرى وما هي الشخصيات أو الجماعات والفئات المرتبطة بها.

بعد ذلك يتم تحديد المشكلة تحديدا دقيقا وصياغتها بطريقة علمية.

2-  صياغة الفروض العلمية: ومعنى ذلك عند تطبيق المنهج التاريخي أن يقوم الباحث بصياغة النتائج المتوقعة من بحثه بشكل أولي، ثم يقوم باختيار  هذه التوقعات في ضوء تطور دراسته حتى يصل إلى قبول أو رفض هذه الفروض أوتعديلها.

3- تجميع البيانات:  مما يميز المنهج التاريخي عن غيره من المناهج الأخرى أن البحث التاريخي يقوم على بيانات موجودة بالفعل، فالمؤرخ يفسر  أحداثا سابقة من خلال أدلة وآثار تراكمت عن هذه الأحداث، وهو ما يطلق عليه البعض: الملاحظة الوثائقية أو التقميش. حيث يهدف تقميش الوثائق إلى استرداد الصورة التاريخية للظاهرة المدروسة استردادا كاملا، بحيث تعود إلى الحياة في ذهن الباحث.

فإن أراد الباحث دراسة بعض الظواهر السياسية، فإنه يلجأ إلى جمع البيانات من الوثائق المتعلقة بالظاهرة، وتطورها التاريخي.

وتنقسم مصادر البيانات في البحث التاريخي إلى نوعين أساسيين:

أ‌-        مصادر أولية أصلية: وهي تلك المصادر  المعاصرة للحدث التاريخي وتشمل المستندات والوثائق الأصلية والمخلفات الأثرية لحقبة زمنية معينة، بما في ذلك من محفوظات ودساتير ولوائح وقوانين وسجلات رسمية وخطابات ومذكرات، ووصايا وصحف وخرائط وتقارير وتعليمات وأدوات ومبان وأثاث وعملات و أسلحة وكل الشهادات والأدلة المكتوبة أو الشفوية التي يدلي بها أفراد اشتركوا وعايشوا تلك الأحداث أو شاهدوها.

وتنبع أهمية المصادر الأولية في أنها تزود الباحث بالمعلومات المباشرة والأصلية عن الحقبة الزمنية، مما يؤكد الأهمية الأساسية لهذه المصادر.

ب‌-   المصادر الثانوية: وهي تلك المصادر التي لا تعاصر الحدث، وتشمل أقوالا مقتبسة وكتابات عن الحقبة التاريخية في مراجع وكتب و موسوعات أو نماذج عن الأعمال والآثار والصور وطرق الحياة والمعارك المرتبطة بتلك الحقبة الزمنية. ورغم أن هذه المصادر أقل قيمة علمية من الأولى إلا أن لها أهمية تكميلية واضحة ومهمة.

4- نقد وتقييم البيانات والوثائق: حتى يصل الباحث غلى الأدلة التاريخية التي يمكن الاعتماد عليها، فإن عليه تقييم البيانات والمعلومات التاريخية،ونقد الوثائق والسجلات المختلفة. ويجري النقد التاريخي على مرحلتين:

أ‌-        مرحلة النقد الخارجي: ويقصد به تناول الأدلة التاريخية من حيث الشكل وليس المضمون، أي أن النقد الخارجي للوثيقة يتضمن التحقيق أولا من صدق أو زيف الوثيقة كليا أو جزئيا (وهو ما يسمى نقصد التصحيح أو الاستعادة)، وثانيا من كاتب الوثيقة أي التأكد من الجهة التي تنسب إليها الوثيقة (وهو ما يسمى نقد المصدر).

ب‌-   مرحلة النقد الداخلي: يتناول صدق الأدلة التاريخية من حيث الموضوع ( المضمون) وليس الشكل. فالنقد الداخلي معناه التحقيق في مدلول المعاني الحقيقة التي تتضمنها الوثيقة والمقصود بالكلمات والعبارات والمفردات التي وردت فيها، بمعنى محاولة تفسير النص وتوضيح معناه الظاهري، وإدراك معناه الحقيقي بمعرفة مقاصد المؤلف، وهو ما يسمى النقد الداخلي الإيجابي، لذي يفرض على الباحث أن يتعمق في دراسة لغة العصر الذي تنتمي إليه الوثيقة والتعرف على طريقة الكاتب الأصلي ومفرداته وأسلوبه المميز في الكتابة.

كما يتضمن النقد الداخلي للوثيقة ما أحاط بها من ظروف وأحداث تعطي محتوى الوثيقة معناها ومعزاها الحقيقي.

زيادة على نقد صدق ونزاهة واضع الوثيقة وعدالته فيما شهد ونقل (وهو ما يسمى نقد النزاهة أو الصدق)، وهل كان دقيقا في روايته للأحداث، بصيرا بما ينقل ومدركا لما يسجل، أم كان ضحية للخداع أو سوء الفهم والإدراك للوقائع؟ وهو ما يسمى (نقد الضبط والدقة)، ويدرج هذين النقدين الأخيرين ضمن ما يسمى النقد الداخلي السلبي للوثائق.

5- مرحلة التركيب والتحليل والتفسير: و هي تقتضي أن يبدأ الباحث بعملية تركيب للمعلومات والأدلة التاريخية، فيقوم بتصنيفها إلى فئات متجانسة، معتمدا على الاستنباط أو الخيال التاريخي لسد ما يجده من فجوات بطريقة ملائمة.

وبعد ذلك يقوم بتحليل هذه المعلومات ومقارنتها وايجاد تفسيرات علمية لها.

رابعا: تطبيق المنهج التاريخي في الدراسات السياسية

 إن العلاقة بين السياسة والتاريخ ثابتة، إذ يستخدم عدد كبير من باحثي العلوم السياسية المنهج التاريخي في بحوثهم، باعتبار أن السياسة أكثر ارتباطا بالتاريخ من أي علم آخر، ولا سيما في العلاقات الدولية، إذ يقال:" أن التاريخ هومخبر العلاقات الدولية".

فقد سيطر المنهج التاريخي على الدراسات السياسية عهودا من الزمن، ولم يتراجع هذا الدور إلا مع مطلع القرن العشرين مع ظهور المدرسة السلوكية التي أسست لقواعد التفسير السلوكي للظواهر السياسية والاجتماعية. لكن سرعان ما عادت الدراسات والبحوث السياسية إلى سابق عهدها بالاعتماد على المنهج التاريخي وأدواته لتفسير الظواهر السياسية، مؤكدة أهمية الأفكار والقيم الذاتية والتاريخ في تفسير السلوك الإنساني. ومن بين الدراسات ذات الأهمية والتي اعتمدت على المنهج التاريخي، دراسات العالم الأمريكي "صمويل هنتنجتون" فيما يتعلق بصياغته لنظريته عن معايير المؤسسية، والتي أشار فيها إلى التطورات التاريخية و التحديات التي واجهت المؤسسة الملكية في بريطانيا في القرنين 18 و19م وصولا إلى القرن 20م،والتي افتقدت إليها المؤسسة الملكية في فرنسا في الفترة ذاتها لتنهار وتختفي. وكذلك صياغته لنظرية التحول الديمقراطي (الموجة الثالثة)، حيث اعتمد بوضوح على المنهج التاريخي، أو في صياغته لنظرية صدام الحضارات.

خامسا: نقد المنهج التاريخي

المحاضرة السادسة: المنهج التجريبي

يعتبر المنهج التجريبي أقرب مناهج البحث العلمي بدراسة الظواهر بالطريقة علمية ، وهو أسلوب الذي إستخدمته  العلوم الطبيعية ، وحققت بواسطته تقدما علميا ملموسا ، مما دفع كثير من الباحثين في حقول المعرفة الإنسانية إلى إستخدامه في البحث .

أولا : معنى التجربة والمنهج التجريبي :

أ‌-             التجربة هي ملاحظة الظواهر بعد تعديلها تعديلا كبيرا أو قليلا ، أي التحكم في الظروف والشروط عن طريق بعض الظروف المصطنعة

ب‌-          تعريف المنهج التجريبي : المنتج المستخدم عندما نبدأ من الواقع خارجة عن العقل ونحاول وصفها وتفسيرها إعتمادا على التجربة وليس على مبادئ الفكر ، وقواعد المنطقة الصورية وحدها

ثانيا : خصائص المنهج التجريبي :

1-           أنه منهج إستقرائي يدرس حالات محدودة ويعمم الحكم المستخلص على جميع الحالات المتشابهة على خلاف منهج الإستدلالي

2-           خضوعه لعملية الضبط والتحكم ، فالتجريب يسمح للباحث بأن يغير من قصد وعلى نحو منظم ، متغيرا معينا ( المتغير التجريبي) ليرى تأثيره على متغير أخر في الظواهر المدروسة ( المتغير التابع) ، وذلك مع ضبط أثر كل المتغيرات الأخرى ، مما يتيح للباحث الوصول إلى إستنتاجات أكثر دقة

3-           إمكانية إختبار وتحقق الفرضيات التي تفسر بها الظواهر ، وذلك في أوضاع تسمح بتناول قطبي الفرضية بصورة مستقلة عن العوامل الأخرى المتصلة بالظاهرة

4-           يقوم المنهج التجريبي على ملاحظة الدقيقة في إختيار الفرضيات

5-           بهدف لكشف عن علاقة السببية بين ظواهر ومتغيرات ويمتاز عن غيره من مناهج بالضبظ الدقيق في دراسته لهذه العلاقة السببية

6-           إمكانية تكرار التجربة مرات عدة وفي أوضاع وظروف متباينة ، وهو ما يسمح برصد ما يطرأ عليها من أثار ومقارنة ما تم التوصل إليه من النتائج

7-           يمكن أن تأخذ التجارب أسلوب المجموعة الواحدة أو أسلوب المجموعة الواحدة أو أسلوب المجموعتين أو تعتمد أسلوب تدوير المجموعات

8-           أنه منهج يخضع لقواعد مضبوطة أهما : القواعد التي وضعها جون ستيوات ميل

-              قاعدة التلازم في التخلف

-              قاعدة التلازم في وقوع

-              قاعدة التلازم في الوقوع والتخلف

-              طريقة التلازم في التغير ( النسبية)

ثالثا: مراحل وخطوات المنهج التجريبي :

-              إختيار وتحديد المشكلة البحث

-              صياغة الفروض

-              تحديد المتغيرات التابعة والمتغيرات المستقلة

-              إختيار مجموعتين متكافئتين في كافة الظروف والشروط

-              إختيار نموذج التجربة الذي يكون الغرض منه إختبار صحة الفرضيات

-              الملاحظة التجريبية

-              بعد إجراء التجربة يقوم الباحث بتنظيم البيانات وتصنيفها وإعطاء تفسيرات للظاهرة بناءا على ذلك في شكل تعميمات علمية عامة

رابعا: تطبيق المنهج التجريبي في العلوم الإجتماعية و السياسية :

إذا كان من متعذر تغير ظروف الظواهر الإنسانية بنفس الحرية التي نغير بها ظروف الظواهر الطبيعية ، إلا أن تغير هذه الظروف ممكن في أحوال معينة ، وهو ما قام به بعض الباحثين الإج والسياسين في التجارب التي أجروها على بعض الجماعات والأفراد للتتبث من صحة بعض الإفتراضات أو النظريات السياسية ، ويأتي في طليعة المفكر الإشتراكي روبرت أوين الذي كان يعتقد أن التنافس الفردي هو علة العلل التي يعانيها المجتمع في ظل النظام الرأسمالي  بحيث أنشأ مجتمعا مثاليا سماه الإنسجام الجديد

ومن التجارب كذلك ماتم عام (1939- 1940) على أربع مجموعات لملاحظة قابلية الإنسان للسلوك السلطوي أو الديمقراطي أو الفوضوي ، كما تسنخدم الطريقة التجريبية في الإختبارات التي تجري لمعرفة قابلية الأفراد للقيادة

ومن التجارب ما قام به هارتمان وهو مرشح الإشتراكي لمنصب إداري ، وتجرى إختبارت تجريبية متنوعة لمعرفة تأثير أساليب الدعاية والإقناع والإغراء الحديثة في الإنتخابات

ولتلافي الصعوبات التجريب المباشر على الظاهرة الإج والسياسية ما يسمى ب البحوث شبه التجريبية التي تتميز بعدم إمكانية ضبط تأثير المتغيرات الأخرى عدا المتغير المستقل ، ويقوم الدراس بملاحظة ما يحدث بحيث أنه لا يستطيع التحكم فيما يحدث لذلك يحاول ان يتغلب على هذه معضلات بجمع نزيد من بيانات ومعلومات من مصادر مختلفة وعبر أزمنة عديدة  لتحل في نهاية تلك البيانات المستفيضة محل التجربة

خامسا : تقيم المنهج التجريبي :

حققت التجارب المعملية ، نتائج مؤثرة في العلوم الطبيعية ، وإعتبرها البعض الأساس لمنهج العلمي ، كما تزايدت أهميتها في العلوم الإج كذلك خصوصا في علم النفس بحيث يمكن القول بأن العلوم الإج لم يعد بإمكانها أن نستغني عن المنهج التجريبي و،وهناك من يعارض أهمية وإمكانية تطوير تجارب معملية في العلوم الإجتماعية.

-              صعوبات المنهج التجريبي :

1-           صعوبة إخضاع السلوك البشري للتجريب والضبط

2-           وجود متغيرات وسيطة يمكن أن تتدخل في موقف التجربة وتؤثر على العلاقات التي يسعى الباحث إلى ٱفتراضها بين المتغيرات

3-           صعوبة عزل التجريبي للظواهر الإج والسياسية نتيجة تداخل وتشابك العوامل المؤثرة فيها

4-           صعوبة إيجاد مجموعات متكافئة في كل الظروف

5-           وعي المجموعة لوجود تجربة والغاية منها يضفي طابعا مصطنعا على السلوك

6-           إمكانية التحيز لدى الباحث او مبحوثين

بالرغم ما يواجهه المنهج التجريبي من صعوبات في العلوم الإج فإن إستبعاده غير ممكن في ظل التطورات المنهجية في العلوم المختلفة ، لكن العلوم الإج بها خصوصيتها ، غير ان منهج التجريبي يظل إستعماله محدودا في الدراسات السياسية ، بما يفسح المجال للبحوث غير التجريبية التي ليست بالضرورة سببية ولكنها تسعى إلى رصد الزهرة أو توقعها أو تقيمها بهدف تعرف على ملامحها أو مقارنتها بغيرها من ظواهر ومثاله الدراسات الوصفية والدراسات المقارنة وغيرها .

المحاضرة السابعة: المنهج المقارن

يرجع المنهج المقارن إلى أرسطو ، فهو قديم في نشأته لكن الفضل في تطويره يرجع إلى إميل دوركايم الذي إعتبر المنهج المقارن بمثابة البديل عن التجارب التي هي شبه مستحيلة في العلوم الإج ، وقد إستخدمته كثير من رواد علم السياسة وعلم الإج

أولا تعريف المنهج المقارن : هو تلك الخطوات التي يتبعها الباحث في مقارنته للظواهر محل الدراسة بقصد معرفة العناصر التي تتحكم في أوجه التشابه والإختلاف في تلك الظواهر ، وهو يستخدم إيجاد تعميمات عامة يستخلصها من الإنتظامات التي يمكن رصدها في تلك الظواهر

ثانيا : النشأة وتطور الدراسات السياسة المقارنة :

واكبت المقارنة التطور البشري وإن إختلفت مستوياتها ، فقد قارن أرسطو ، بين دساتير الدول ( المدن اليونانية المختلفة ) وكذلك قارن نيكولا ميكيافيلي بين عناصر القوة والسياسية في الدويلات الإيطالية ، كما إستخدم طوماس هوبز  ومونتيسكيو المقارنة بحيث قارن بين الأنظمة الجمهورية والملكية في فرنسا وبريطانيا وكذلك ماركس إعتمد مقارنة في دراساته المختلفة ، وقد أجاد كل من دي توكفيل وجيمس براس في دراستهما الو . م. أ بإعتمادهما البيانات المقارنة فجيمس برايس درس الديمقراطيات الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى ونجد أيضا دراسات "موريس ديفرجيه" المقارنة لأحزاب الأوروبية والأمريكية

وكان "ماكس فيير" أبرز من إستخدم المنهج المقارن في دراساته عن البيروقراطية والأخلاق والبروتستانية وروح الرأسمالية.

غير ان الدراسات الأكاديمية للسياسة المقارنة برزت في مطلع القرن العشرين ،غير انها ظلت مقتصرة على اوروبا الغربية والولايات المتحدة ، والذي ميز الدراسات المقارنة هو هيمنة المدخل القانوني الذي يركز على أطر الشكلية و المؤسسات الرسمية والإهتمام بالدستور وطرق إنتقال السلطة ، ولكن مع نهاية الخمسينيات كان الإتفاق بين الباحثين على الإنتقال بالدراسة المقارنة من الحالة السكونية أو الشكلية الجامدة وهو ما كان سائدا قبل الحرب. العالمية الثانية إلى حالة إستاتيكية متحركة ينتقل فيها الإهتمام من دراسة البنية والعملية داخل الدولة وعبر الدول ، أي مختلف التنظيمات السياسية والإقتصادية والثقافية والإعلامية داخل الدولة الواحدة أو عبر الدول.

كما إزداد الإهتمام بالسياسة المقارنة بعد الحرب العالمية الثانية مع بروز الدول حديثة الإستقلال ، فشملتها الدراسات المقارنة خصوصا في حقبة الخمسينيات والستنينيات حيث برز السعي لنشر النموذج الفكري والسياسي والإج والثقافي في المجتمعات حديثة الإستقلال ، فبرزت كتابات غابريال ألموند وكولمان وروستو وغيرهم

ثالثا: خطوات المنهج المقارن:

1-           تحديد مشكلة البحث الخاضعة للمقارنة

2-           صياغة الفروض وتحديد متغيراتها

3-           تحديد المفاهيم والتعريفات الإجرائية

4-           جمع البيانات

5-           الشرح والتفسير

رابعا : تطبيق المنهج المقارن في العلوم السياسية

إن عالم السياسية يبحث عن أسباب عدم الإستقرار في أي سياق حيث يقوم تدريجيا بعزل المتغيرات التي لا تنتج الأثار ذاتها في أماكن أخرى ، كذلك إذا أردنا دراسة الإمتناع عن الإنتخابات ، فإننا نلجأ إلى المقارنة بين الذكور والإناث ، وبين أهل المدينة وأهل الريف ، وبين البنات والشيوخ كما يمكن أن نقوم بمقارنة لعملية صنع القرار في أنظمة عدة ، حيث أن كل الأنظمة تصنع القرارات ، ولكن من يتخذ هذه القرارات؟ هل البرلمان أم النواة العسكرية ؟ أم جماعات قوية؟

وقد طرح ألموند إستراتجيات أطلق عليها الإقتراب الإقليمي والذي يقوم على إجراء المقارنة بين وحدات في منطقة واحدة ، كما قدم التون وبرزورسكي إسترتجيتين أو نموذجين للمقارنة هما

            نوذج النظم الأكثر تشابها

            نموذج النظم الأكثر إختلافا وتعارضا

كما قدم دوغان وبيلاسي إستراتجية المقارنة الثنائية أي مقارنة دولتين فقط يتم ٱختيارهما بدقة لتلافي سطحية مقارنة إقتراحا ما يسمى ب التعادل الوظيفي

وحاولت بعض الدراسات تحديد بعض المجالات المقارنة لسياسة والحكومات من بين هذه مجالات

-              أسس السياسة المقارنة

-              دراسة القرارات السياسية

-              دراسة صناع القرار وتحديد من هم ؟

-              دراسة العمليات السياسية المتعلقة بالسلطة والجماعات السياسية

-              أداء النظام

خامسا : تقيم المنهج المقارن :

أ‌-             المزايا :

-يسهم في توسيع دائرة الإتفاق حول مفاهيم معينة ، وما تتضمنه من معاني

-تزودنا بالمعلومات عن الأخر كما تمدنا بالتجارب التي تجنبنا الوقوع في الأخطاء

- يساعدنا في تصنيف الأنظمة السياسية وترتيبها والكشف عن فلسفتها وأليات عملها

- يفيد في الشرح والتفسير ويعطي الظواهر دلالات تجعلها قابلة للفهم زيادة على تراكم المعارف

- التحليل المقارن من شأنه أن يحفز الباحث إلى إهتمام بمتغيرات جديدة وإستلهام فروض جديدة ، بما يعزز تطوير النظرية في الإتجاه الصحيح

- يساهم في توفير درجة من العمومية بالتحقق من نتائج في تقافات مختلفة

ب- الصعوبات :

-              - إمكانية التحيز في صياغة المشكلة

-              - الإفتقار إلى المعلومات الدقيقة أو قلة المعرفة بالمجتمع محل الدراسة

-              - صعوبة حصر المتغيرات وضبط العوامل التي تتحكم في الظواهر محل المقارنة فضلا عن صعوبة قياس هذه متغيرات

-              نسبية المفاهيم نتيجة تقافات متباينة واختلافا مؤشرات

-              الظواهر المتشابهة ليست بالضرورة وليد أسباب أو عوامل واحدة

بالرغم من هذه صعوبات إلا أن منهج مقارن حظي  بأهمية كبرى وبالخاصة في دراسات السياسية

 

 

 

 

 

المحاضرة الثامنة: المنهج الإحصائي

ينظر إلى الإحصاء على أنه هو فرع من فروع الرياضيات لأنهيستعين بلغتها الرمزية وينحو نحوها المجرد، و يستخدم أساليبها وتقنياتها المتعددة في الموجودات الواقعية ، فهو يعتبر تطويرا لنظرية الإستقرائية

وكان الإحصاء في مراحله الأولى وصفيا أي يختص بجمع وتصنيف وتلخيص وعرض وتمثيل البيانات ، ثم أصبح إستدلاليا ، أي يقوم بإستخراج النتائج عن المجتمع الإحصائي ، وقد أوجد الإحصاء مواقع عديدة له في علم الإجتماع وعلم النفس ، وكذلك في علم السياسة ، حيث إستخدام علماء السياسة الدوال الرياضية والإحتمالات والإحصاء في أبحاثهم المتعددة

أولا: تعريف المنه‍ج الإحصائي:

هو أحد أساليب وصف الظواهر ومقارنتها ، وإندتباث الحقائق العلمية المتصلة ، شأنه شأن أساليب الإستنتاج المنطقي ، إلا أنه يختلف عنها في كونه يعتمد التعبير الرقمي عن الظواهر التي يتناولها بالبحث عن طريق القياس المباشر ، والإحصاء في العادة عبارة عن عملية جمع البيانات الإحصائية عن الظواهر المختلفة والتعبير عنها رقميا ، وهو بالمفهوم الحديث جمع البيانات ومراجعتها ، وتصويبها وتبويبها ، ثم تحليلها وتفسيرها

فالمنهح الإحصائي يستخدم البيانات الرقمية، لإجل الإستدلال بها على وجود العلاقات بين الظواهر أو الإنتقاء ، ولا يكتفي بذلك بل يعمل على تعميم ما توصل إليه من نتائج ، ذلك ان المنهج الإحصائي يقوم على جمع بيانات كمية أو متععدة مثل ، الإرتباط ، وتحليل التباين

من هنا على الباحث في العلوم الإج والسياسية أن يلم بشيء من لغة الإحصاء ، حيث تمده بوسيلة فعالة لوصف البيانات الرقمية والمعلومات التي تجمعت أثناء الدراسة ، فهي أداة الأساسية للقياس والبحث والتعرف على درجة دقة البيانات والمعلومات والنتائج التي التوصل إليها البحث ، وتستخدم الطرق الإحصائية بفعالية بالنسبة للمواد ذات طبيعة الكمية ،وتحت مكانة هامة في البحوث الإستسقائية المسح أو دراسة الحالة ، وهي أي الطرق الإحصائية مهمة أيضا بالنسبة لمناهج البحث الأخرى ، ولإشارة يلجأ معظم الباحثين في الوقت الحاضر إلى إستخدام الحاسوب المساعدة في عملية التحليل ، وكما يلاحظ في دراسة المناهج السابقة أن هناك تشابها بين كل من المنهج المقارن ومنهج دراسة الحالة والمنهج الإحصائي ، إلا أن منهج دراسة الحالة يختص بالتعمق في دراسة ظاهرة معينة عبر جمع البيانات الواسعة عنها ، أما المنهج الإحصائي فيتم فيه جمع البيانات على نطاق واسع تم تصنيفها وتبويبها وإستخراج العموميات منها ويقف المنهج المقارن وسطا بينهما

ثانيا : فوائد إستخدام المنهج الإحصائي :

ترجع أهمية المنهج الإحصائي إلى الأمور الأتية :

1-           إن لغة الأرقام التي يستخدمها المنهج الإحصائي قد تكون أوضح معنى وأدق وصفا من التعبير اللفظي عن الظواهر ، وتصبح الكثير من الظواهر قابلة للفهم بشكل أفضل

2-           يفيد في إقامة إستنتاجات صادقة عن الوقائع الملاحظة ، فبفضله يستطيع الباحث الحكم على الظواهر حكما موضوعيا مجردا من العواطف

3-           يفيد في إختبار الفرضيات وتحديد مدى صدقها وعدمه من خلال البيانات الإحصائية

4-           ينطوي على تقرير الحقائق ولا يترك مجالا للتأويل ، كما يكشف عن العلاقات الأساسية بين الظواهر

5-           يفيد في صناعة القرارات و ترتيبها ، حيث بفضله يستطيع المسؤولون تقييم وتقويم البرامج الإصلاحية

ثالثا: خطوات المنهج الإحصائي :

1-           تحديد المشكلة محل البحث تحديدا جيدا

2-           صياغة الفرضيات وقيام بالتعاريف الإجرائية وإعطاء الظواهر مؤشرات كمية

3-           جمع البيانات الإحصائية الازمة عن الظاهرة موضع الدراسة

4-           تصنيف البيانات وعرضها في جداول أو رسوم بيانية

5-           تحليل المعطيات وتفسير النتائج

وهكذا يفيد المنتج الإحصائي دراس العلوم السياسية في تفسير الكثير من أنواع السلوك السياسي التي يمكن التعبير عنها كميا ، كالسلوك التصويتي والإنتماء الحزبي وأثر الحزبي وأثر وسائل الإعلام في السلوك السياسي وغير ذلك

رابعا : إستخدام المنهج الإحصائي في الدراسات السياسية

تتمثل فائدته في تسهيل قياس الموجودات الإنسانية و المقارنة بينهما

كما تستخدم الإحصاءات لقياس تأثير وسائل الإعلام وإتجاهات الرأي العام وكذا قياس التيارات السياسية و الفكرية ، ويطبق الأحصاء في علم السياسة في المواضيع التي تساعد الأرقام على توضيحها

وينتشر الإحصاء في الدراسات الإنتخابية فتستخدم المقارنات الإحصائية للموازنة بين القوى والأحزاب والفئات السياسية ، ومن أبرز العلماء المعاصرين الذين عززوا إستخدام هذا المنهج في البحث ( إستيوارت رايس ) حيث يقول : إن الطريقة الكمية هي إحدى الطرق المؤدية إلى إكتشاف الحقيقة ، وهي وسيلة جديدة ونادرة في علم السياسة

ويفيد المنهج الإحصائي في تفسير الكثير من أنواع السلوك السياسي التي يمكن التعبير عنها كميا

خامسا : صعوبات المنهج الإحصائي

1-           إن لغة الأرقام لا تكفي دائما للتعبير عن الظواهر الكيفية

2-           إمكانية تزيف البيانات والأرقام بشكل يضلل الباحث

3-           صعوبة تصنيف أو بتويب البيانات المجمعة

4-           صعوبة تفسير المعلومات أحيانا وتعذر التعميم في حالات كثيرة

5-           إحتمال التحيز من قبل الباحث أو المبحوث

6-           إحتمالية عدم تعاون المبحوثين نتيجة الجهل أو الخوف

ولتلافي هذه صعوبات ينصح المتخصصون بعدم الإكتفاء بالأرقام ، وإنما ينبغي تحديد الوقائع موضوع الدراسة تحديدا منهجيا ، كما ينبغي للباحث ان يدرس الظاهرة في سياقاتها الثقافية والجغرافية والإج و السياسية وإن تكون عينته تمثيلية للمجتمع المدروسة ، كذلك يجب مراعاة صفة الأنتظام في الحالات المدروسة

المحاضرة التاسعة: منهج تحليل المضمون (المحتوى)

 

                هو منهج كمي بدأ إستخدامه في الصحافة أول الأمر ، ثم أستخدم في علم الإجتماع بعد ذلك ، ويسمى عند بعض المتخصصين بتحليل المحتوى لإهتمامه بتحليل مضامين وسائل الإتصال الجماهيري والمضامين السياسية .

أولا: تعريف تحليل المضمون :

يعرفه برغسون بأنه: أسلوب للبحث يهدف إلى الوصف الموضوعي المنظم الكمي لمحتوى ظاهرة لإتصال ( الإتصال يعني كل معاني التي يعبر عنها بالرموز المختلفة ( الكلمة أو الصوت أو الصورة أو الرسم ) ويهدف الإتصال إلى الإجابة عن الأسئلة )

ويعرفه كابلان على أنه العد الإحصائي للمعاني التي تتضمن المادة الاساسية الخاضعة لتحليل لإستخلاص نتائج علمية

ويعرفه هولستي في العلوم السياسية فيرى أنه بحث علمي يسعى لإكتشاف علاقات إرتباط بين الخصائص المعبرة في أي مادة إتصالية عن طريق التعرف على هذه الخصائص بطريقة موضوعية وممنهجة

ويعرفه جانيس أنه: أسلوب بحث يهدف إلى تبويب خصائص المضمون في فئات ، وفقا لقواعد يحددها المحلل بإعتباره باحثا علميا .

وبالعودة إلى تعريف بارغسون وإلى أهداف العملية الإتصالية والأسئلة المرتبطة بها ، ويمكن تحديد المباحث الكبرى لتحليل المضمون وهي كالأتي: 1- تحديد من الذي يقول : يعني تحديد شخصية القائل سواء كان كاتبا أو مؤلفا أو سياسيا من خلال أصولهم الطبقية والإجتماعية وإنتمائهم السياسية

2- تحديد ماذا يقول : يعني تحديد مضمون الرسأئل الإتصالية

3- تحديد جمهور المستقبل للرسالة ( الخطاب ) : ومعرفة سمات هذا الجمهور النفسية والإجتماعية ، الإقتصادية والسياسية لفهم عملية التفاعل الإجتماعي والنفسي والسياسي بين من يصدر الرسالة السياسية وبين من يتلقاها

4- كيف تقال الرسالة : من الأهمية بمكان معرفة كيف تقال الرسالة فهناك وسائل شتى لتعبير عن الأفكار والنظريات السياسية ،تحديد الصور المختلفة والوسائل مسألة هامة

5- تحديد الأثار المترتبة على ذلك أي تحديد مدى فاعلية تلك الرسائل في المجتمع المستهدف

ثانيا: خطوات تحليل المضمون

إن تطبيق الباحث لمنهج أو أسلوب تحليل المضمون يفرض عليه القيام بالعديد من المراحل والخطوات الإجرائية والتي يمكن تحديدها في نقاط التالية

الخطوة الأولى : تحديد المشكلة البحثية وإطارها النظري ، تحدد بموجباتها فئات ووحدات التحليل

الخطوة الثانية: تحديد مجتمع البحث الكلي ( مجتمع الدراسة).

الخطوة الثالثة إختيار عينة ممثلة لمجتمع البحث، ولغرض تحديد وحدات التحليل لإختيار العينة ممثلة فيها لإخضاعها للتحليل ، إعتمد بعض المتخصصين تصنيفا يقوم على 5 وحدات أساسية يمكن إخضاعها للتحليل ، وتتمثل فيما يلي :

1-وحدة الكلمة : هي أصغر وحدة تستخدم في تحليل المضمون ، وقد تسير الكلمة إلى معنى رمزي معين ، كما قد تتحدد عن طريق بعض المصطلحات أو المفاهيم التي تعطيها معنى خاص ، فإن الباحث يصنع قوائم يسجل فيها تكرارات ورورد كلمات أو فئات مختارة عن مادة الموضوع التحليل

2-وحدة الموضوع : يمثل جملة أو أكثر تعبر عن معنى معين أو تؤكد مفهوما سياسيا أو إقتصاديا أو إجتماعيا أو ثقافيا ، ويعتبر الموضوع من أهم وحدات تحليل المضمون عند دراسة الأثار المترتبة  عن عملية الإتصالية وتكوين الإتجاهات والرأي العام

3-وحدة الشخصية : ويقصد به الحصر الكلي للخصائص والسمات التي تحدد ملامح شخصية معينة ، سواء تعلق الأمر بشخص بعينه أو بفئة أو مجتمع من مجتمعات ، بقصد تحقيق أغراض معينة تسعى إليها المؤسسات ومراكز الأبحاث

4-وحدة المفردة: ويقصد بها وسيلة إتصال نفسها ، فقد تكون كتاباأو مقالا أو قصة أو حديثا إذاعيا أو برنامجا أو خطابا وتستخدم المفردة كوحدة للتحليل إذا تعددت المفردات

5-وحدة القياس : وتتمثل في تقييم المضمون تقسيمات مادية سواء بالنسبة لمواد الإتصال المقروء أو مسموعة

الخطوة الرابعة : تصميم إستمارات التفريغ وجداول التحليل حيث تنقسم الإستمارات إلى قسمين

            إستمارة التفريغ

            إستمارة التحليل ( جداول التحليل)

الخطوة الخامسة:  تطبيق المعالجات الإحصائية ، حيث يقوم الباحث بمعالجة المؤشرات الرقمية عن طريق تطبيق المعادلات الإحصائية المطبقة في الأبحاث الوصفية

الخطوة السادسة : عرض النتائج وتحليلها: يقوم بغرض النتائج النهائية حسب المحاور الموجودة في الجداول ، ومن ثم يتناولها بالتفسير والتحليل و المقارنة والتعليق ليثبت صحة إفتراضاته أو خطئها بصورة كلية أو جزئية.